ترجمة النص إلى اللغة الإنجليزية – English Translation

نحو منهج لفهم معاني القرآن بتحليل آياته وفق لغة العرب وأساليبهم في الكلام كما فهمها العربي في زمن نزول القرآن

(ملاحظة : ما بين قوسين هو دلالة المعنى في ضوء التحليل اللغوي، وقد جعلته في الأصل باللون الأحمر تمييزا له عن المعنى في ضوء التحليل اللغوي)

قال اللهُ تعالى في سورة آل عمران :

سورة آلِ عِمۡرَانَ

بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ

الٓمٓ ١ ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلۡحَيُّ ٱلۡقَيُّومُ ٢ نَزَّلَ عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ مُصَدِّقٗا لِّمَا بَيۡنَ يَدَيۡهِ وَأَنزَلَ ٱلتَّوۡرَىٰةَ وَٱلۡإِنجِيلَ ٣ مِن قَبۡلُ هُدٗى لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ ٱلۡفُرۡقَانَۗ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِ‍َٔايَٰتِ ٱللَّهِ لَهُمۡ عَذَابٞ شَدِيدٞۗ وَٱللَّهُ عَزِيزٞ ذُو ٱنتِقَامٍ ٤ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَخۡفَىٰ عَلَيۡهِ شَيۡءٞ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فِي ٱلسَّمَآءِ ٥ هُوَ ٱلَّذِي يُصَوِّرُكُمۡ فِي ٱلۡأَرۡحَامِ كَيۡفَ يَشَآءُۚ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ ٦ هُوَ ٱلَّذِيٓ أَنزَلَ عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ مِنۡهُ ءَايَٰتٞ مُّحۡكَمَٰتٌ هُنَّ أُمُّ ٱلۡكِتَٰبِ وَأُخَرُ مُتَشَٰبِهَٰتٞۖ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمۡ زَيۡغٞ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَٰبَهَ مِنۡهُ ٱبۡتِغَآءَ ٱلۡفِتۡنَةِ وَٱبۡتِغَآءَ تَأۡوِيلِهِۦۖ وَمَا يَعۡلَمُ تَأۡوِيلَهُۥٓ إِلَّا ٱللَّهُۗ وَٱلرَّٰسِخُونَ فِي ٱلۡعِلۡمِ يَقُولُونَ ءَامَنَّا بِهِۦ كُلّٞ مِّنۡ عِندِ رَبِّنَاۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّآ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ ٧ رَبَّنَا لَا تُزِغۡ قُلُوبَنَا بَعۡدَ إِذۡ هَدَيۡتَنَا وَهَبۡ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحۡمَةًۚ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡوَهَّابُ ٨ رَبَّنَآ إِنَّكَ جَامِعُ ٱلنَّاسِ لِيَوۡمٖ لَّا رَيۡبَ فِيهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُخۡلِفُ ٱلۡمِيعَادَ ٩

المعنى في ضوء التحليل اللغوي :

1 – أقْرَأُ السُّورَةَ بالاسْتِعانَةِ باللهِ المَوْصُوفِ بأنّهُ الرَّحمنُ الذي أتْقَنَ برَحْمَتِهِ خَلْقَ كُلِّ شيءٍ لأداءِ وَظيفَتِهِ التي خَلَقَهُ لأدائِها، المَوْصُوفِ بأنَّهُ الرَّحِيمُ الذي جَعَلَ وَظيفةَ كُلِّ شيءٍ خَلَقَهُ في حُدُودِ قُدْرَتِهِ واسْتِطاعَتِهِ، ألف لام ميم دلالةٌ على إنْزالِ القرآنِ بعُلومٍ ومعارِفَ إلهِيَّةٍ، منها عُلومٌ ومعارِفُ إلهِيَّةٌ اخْتَصَّتْ بها آياتُ السُّورَةِ، وتَشْتَرِكُ هذه السورة التي يُرْمَزُ لها بهذه الحروف مع سورة البقرة التي يُرْمَزُ لها بهذه الحروف في الدلالة على تلك العُلومِ والمعارِفِ

– 2 – اللهُ لا إلهَ إلاّ هُوَ، (أي : الألوهيّةُ مقصورةٌ عليه وَحْدَه منفيّةٌ عن غيرِهِ)، هو ذو الحياةِ الدائمةِ الثابتةِ الذي يُدْرِكُ كلَّ المُدرَكات، ولا تدخُلُ عليه عواملُ المَوْتِ والفناءِ، هو القائِمُ بتدبيرِ خَلْقِهِ

– 3 – هو أنْزَلَ إليكَ القرآنَ بالصِّدْقِ الثّابتِ الذي لا شَكَّ فيه حالةَ كونِهِ مُعْتَرِفاً بما تَقَدَّمَ أمامَهُ من الكُتُبِ، ومُثْبِتاً ما جاء فيها من الدعوةِ إلى توحيدِ اللهِ وإخلاصِ العبادةِ له، وهو أنْزَلَ التوراةَ (وهي الشريعةَ المُشتملةَ على الفرائض والأحكام والوصايا التي أنْزَلَها اللهُ على موسى)، وأنْزَلَ الإنجيلَ (وهو البِشارةُ لعيسى بن مريم بأنّهُ الرسولُ الذي يُؤيِّدُهُ اللهُ بروحِ القُدُس إلى بني إسرائيل، لتذكيرِهم بالعمل بالشريعة التي أنْزَلَها على مُوسى، وإنذارِهم بالعقابِ إذا تركوا العمَلَ بها، والبشارةُ إلى بني إسرائيل بأنْ يُخَفِّفَ عَنْهُم بعضَ التكاليفِ الشاقّة التي فَرَضَها اللهُ عليهم، وأنْ يُحِلَّ لهم بعضَ ما حرَّمَهُ عليهم، والبشارةُ بأنّ اللهَ يرفعُهُ إليه، ويُخَلّصُهُ من مُؤامرةِ بني إسرائيل عليه، والبشارةُ بالرسول الذي يأتي من بعدِهِ، واشتمَلَتْ هذه البِشارةُ على الوصايا والمعارف الإلهيّة التي تُهَذِّبُ نفسَ الإنسان، وتُطَهِّرُها من سوءِ الأخلاقِ والطّباعِ الفاسِدة)

– 4 – أي : أنْزَلَ التوراةَ والإنجيلَ من قبلِ إنزالِ القرآن، وأنْزَلَ من بعدِهما القُرآنَ الذي فَصَّلَ فيه كُلَّ شيءٍ من الفرائضِ والأحكامِ والوصايا والمعارفِ الإلهيّةِ وبَيَّنَهُ تبياناً لا لَبْسَ فيه (يدلُّ المعنى على أنّ القرآنَ باعتبارِهِ آخِرَ كتابٍ أنزَلَهُ اللهُ إلى الناس قد فَصَّلَ اللهُ فيه كلَّ شيءٍ يحتاجُهُ الإنسانُ في حياتِهِ في كُلِّ زمان ومكان، وبيَّنهُ تبياناً لا لَبْسَ فيه، ويدلُّ المعنى على انّ القرآنَ هو مصدرُ الأحكامِ والتشريعات، وأنَّ كُلَّ ما خالفَ القرآنَ من أحكامٍ وتشريعاتٍ لم يذكرْها اللهُ في القرآن يجبُ تَرْكُها وعدمُ الأخْذِ بها)، إنّ الذين جَحَدوا آياتِ الله التي أنْزَلها إلى رسولِهِ مُحَمّدٍ، وفَصّلَ فيها كُلَّ شيءٍ من الفرائضِ والأحكامِ والوصايا والمعارفِ الإلهيّةِ وبيَّنَهُ تبياناً لا لَبْسَ فيه لهم عذابٌ شديدٌ في الدنيا والآخرة، ويُؤكِّدُ ذلك أنَّ اللهَ قادرٌ على عذابِهم، ولا يمْتَنِعُ من قُدْرَتِهِ شيءٌ، واللهُ ذو قُدْرَةٍ على العقاب الشديد لمَنْ يكفُرُ بآياتِهِ (يدلُّ المعنى على تهديدٍ لليهود الموجودين في المدينة زَمَنَ الرسول مُحَمّدٍ (ص) إذا لم يُؤمنوا بالقرآنِ)

– 5 – إنَّ اللهَ لا يخفى عليه شيءٌ كائنٌ في الأرضِ مهما صَغُرَ أو كَبُرَ في كُلِّ زَمَنٍ، ولا يخفى عليه شيءٌ كائنٌ في السّماءِ مهما صَغُرَ أو كَبُرَ في كُلِّ زَمَنٍ، (يدلُّ المعنى على : فاحْذَروا أنْ تفعلوا شيئاً في الخفاءِ تَصُدّون به النّاسَ عن الإيمانِ بالرّسولِ مُحَمّدٍ، وعن الإيمان بالقرآنِ الذي أُنْزِلَ إليه)

– 6 – والدليلُ على أنَّ اللهَ لا يَخْفَى عليه شيءٌ كائنٌ في الأرضِ مهما صَغُرَ أو كَبُرَ، ولا يخْفى عليه شيءٌ كائنٌ في السّماءِ مهما صَغُرَ أو كَبُرَ أنَّهُ هو الذي يُوْجِدُكم في أرْحامِ أمهاتِكم، ويجْعَلُ لكم أشكالاً على أيِّ حالٍ من الأشكالِ ذاتِ الصفاتِ الخاصّةِ يُريدُ إيجادَكم عليها، هو لا إلهَ في الوجود إلا هو، هو القادِرُ على كُلِّ شيءٍ، الذي لا يَمْتَنِعُ من قُدْرَتِهِ شيءٌ، هو الحكيمُ المُتْقِنُ لجميع أفعاله، (يدلُّ المعنى على : فإذا عَلِمْتُم ذلك فاعلَمُوا أنَّهُ يعلمُ كُلَّ شيء تفعلونَهُ)

– 7 – هو الذي أنْزَلَ عليك القُرآنَ حالةَ كونِهِ مِنْهُ آياتٌ صِفَتُهُنَّ أنّهنّ مُحْكَماتٌ واضحاتُ الدِّلالةِ في نَظْمِهنَّ وصياغَتِهنَّ، معناهُنَّ ظاهِرٌ لا شُبْهَةَ فيه، ولا يحتاجُ إلى تأويلٍ، صِفَتُهُنَّ أيضاً أنّهنّ أصْلُ الفرائضِ والأحكامِ، ومِنْهُ آياتٌ أُخَرُ صِفَتُهنَّ أنّهنّ يَشْبَهُ بعْضُها بعضاً في المعنى، مُتَنَوِّعاتٌ في الأساليبِ التي تَدُلُّ على المعنى، (أي : مرّةً يأتي المعنى بأسلوبِ الخبر، وأُخرى بأسلوبِ الإنشاء، أو يأتي في صورةِ التّشْبِيهِ، أو التّشْبِيهِ التَّمْثِيلي، أو المَجازِ أو الاسْتِعارَةِ، أو الكِنايَةِ، أو التَّلْوِيحِ والإشارَةِ، فهنّ مُتشابِهاتٌ في المعنى، مُتَنَوِّعاتٌ في الأساليب، ولمّا كان القرآنُ قد نَزَلَ بلَغَةِ العَرَبِ وأساليبِهم في الكلام، فإنَّ أساليبَ العَربِ في الكلامِ على نوعين، فقد يأتونَ بالكلامِ مُحْكماً أحياناً، وهو الكلامُ الذي يفهمُهُ السامعُ مُباشرة، ولا يحتاجُ إلى التّفكيرِ وإعمالِ العَقْلِ وحَمْلِ بعضِهِ على بعض، وقد يأتونَ به مُتشابهاً أحياناً، وهو الكلامُ الذي يُعَبِّرونَ فيه عن معنى بأساليبَ مُتَنَوِّعةٍ، فمرّةً يُعَبِّرونَ عن المعنى بأسلوب الخبر، وأخرى يُعَبِّرون عنهُ بأسلوب الإنشاء، أو يُعَبِّرون عنه في صورةِ التّشبيهِ، أو التّشْبيهِ التّمْثيلي، أو المَجازِ أو الاستعارةِ، أو الكِنايَةِ، أو التّلْوِيحِ والإشارةِ، أو غير ذلك، وهذا النوعُ من الكلام يحتاجُ إلى إعمالِ العَقْلِ للوُصول إلى المعنى المُراد، وهو الذي يَسْتَهْوِي العَرَبَ، ويطيرون فَرَحاً حين يَصِلُونَ إلى معناه بعدَ سَماعِهِ، وبهذا النوع من الكلام نَظَمُوا قصائِدَهم المشهورةَ، فالمُتشابِهُ في القُرآن أنْ يأتي المعنى بأساليبَ مُتنوّعَةٍ، وهو من بلاغةِ القُرآنِ وإعجازِهِ، وهو ما أرادَهُ اللهُ تعالى من (تَصريف الآيات) في قولِهِ [سورة الإسراء : 88 – 89] :”قُلْ لئن اجْتَمَعَتْ الإنْسُ والجِنُّ على أنْ يأتوا بمِثْلِ هذا القُرآنِ لا يأتونَ بمِثْلِهِ ولو كان بَعْضُهم لبعضٍ ظهيراً * ولقد صَرَّفْنا للناسِ في هذا القُرآن من كُلِّ مَثَل فأبَى أكثَرُ النّاسِ إلّا كُفُوراً”، وقال تعالى [سورة طه : 113] : “فكذلِكَ أنْزَلْناهُ قُرآناً عربيّاً وصَرَّفْنا فيه من الوعيد لعلّهم يَتَّقونَ أو يُحْدِثُ لهم ذِكْراً”، أي : كَرَّرْنا الآيات ووَجَّهْناها في أساليبَ مُتَنوِّعةٍ للدلالة على المعنى الذي نُريدُ بيانَهُ، ويحتاجُ الوصولُ إلى معنى الآياتِ المُتشابِهةِ إلى التّمَكُّنِ من لُغَةِ العَرَبِ وأساليبهم في الكلام، ويَتَحَقّقُ ذلك بأنْ يقومَ المُتَمَكِّنُ من اللُّغَةِ العربيّةِ بتحليل جُمَلِ الآيات وكلماتها وفْقَ لغة العرب وأساليبهم في الكلام، ليَصِلَ إلى المعنى المُراد)، فأمّا الذين في قلوبِهم مَيْلٌ عن الحَقِّ، وجنوحٌ إلى الباطِلِ فإنّهم يَتَطَلَّبون الآياتِ التي تشابَهتْ من القرآنِ، طَلَباً للضّلالِ، واضْطرابِ الأفكارِ، وطَلَباً لإرجاعِ ظاهرِ الآياتِ المُتشابهةِ إلى معنى غير المعنى الذي أرادهُ اللهُ تعالى من دون التَمَكُّنِ من لغة القرآن وأساليبِهِ في الكلام، وما يَعْلَمُ معاني آياتِ القرآنِ على وَجْهِها الذي أرادَهُ اللهُ إلّا اللهُ والذين تَمَكّنوا من لُغَةِ القرآنِ الذي نَزَلَ بلغةِ العَرَبِ وأساليبهم في الكلام (يحتاجُ الذي تَمَكّنَ من لغةِ العَرَبِ وأساليبهم في الكلام إلى تحليلِ الآياتِ المُتشابِهة وفْقَ لُغةِ العربِ وأساليبهم في الكلام، ليصِلَ إلى المعنى المُراد، أمّا الذي لم يَتَمَكّنْ من لُغةِ العربِ وأساليبهم فيُرْجِعُ ظاهرَ الآياتِ المُتشابهةِ إلى معنى غير المعنى الذي أرادهُ اللهُ تعالى)، يقولُ الذين تَمَكّنوا من لُغَةِ العَرَب التي نَزَلَ بها القرآن وأساليبِهم في الكلام : صَدّقنا بالقرآنِ كُلِّهِ، لأنّ كُلَّ آياتِهِ نازلةٌ من عندِ ربِّنا – وواقعُ الحال أنَّهُ ما يُظْهِرُ معاني القرآن على وَجْهِها الذي أرادَهُ اللهُ إلّا أصحابُ العقولِ الخالصةِ الذين تَمَكَّنوا من لُغَةِ العَرَب التي نَزَلَ بها القرآن وأساليبهم في الكلام

– 8 – ويقولُون : يا ربّنا، نسألُكَ أنْ لا تَجْعَل قلوبَنا تميلُ عن معاني آياتِكَ التي أردْتَها في القرآن بعد زمانِ هِدايتنا إلى الإيمانِ برسولك، وبالقرآن الذي أنْزَلْتَهُ إليه، ونسألك – يا ربّنا – أنْ تَمْنَحَنا رَحْمَةً حالةَ كونها خاصّةً من عندك بتوفير ألطافِكَ وتوفيقاتك لنا، لكي لا نَتَطَلَّبَ الآياتِ التي تشابَهتْ من القرآن، طَلَباً للضّلال، واضْطراب الأفكار، لأنّك أنت المانِحُ لهذه الألطافِ والتّوفيقاتِ

– 9 – ويقولونَ : يا ربّنا، إنّك جامعُ النّاسِ كُلِّهم لأجْلِ يومٍ صفتُهُ أنّهُ لا شكّ في مجيئِهِ، (وهو يومُ البَعْثِ والحِسابِ الذي وَعَدَ اللهُ عِبادَهُ به لحسابِهم وجزائِهم)، نؤكِّدُ أنّهُ واقِعٌ لا محالةَ لأنّ اللهَ لا يُخْلِفُ وَقْتَ وَعْدِهِ بيومِ البَعْثِ والحسابِ .

د . عبد الكريم الزبيدي
ترجمة النص إلى اللغة الإنجليزية – English Translation

1 – (الم) في محل رفع مبتدأ، والخبر مُقدّر، تقديره : (دلالةُ على عِلمٍ مُودَعٍ في آياتِ السورة)

– 2 – (الله … القيوم) ابتدائيّة، (الله) مبتدأ، (لا إله إلا هو) خبر، (لا) نافية للجنس، وهي في مثل هذا التركيب تكونُ مع اسمها في موضع مبتدأ، (إلا) أداة حصر، وهو من باب قصر الصفة على الموصوف، (هو) خبر المُبتدأ، (الحيُّ) خبر ثانِ للمبتدأ الأوّل، وهو (اللهُ)، و(الحي) : ذو الحياة الثابتة الدائمة الذي يُدْرِك كلّ المُدرَكات، و(القيوم) خبر ثالث، و(القيوم) : القائم بتدبير خلقه

– 3 – (نزّل … يديه) خبر رابع للمبتدأ الأوّل، (نَزَّلَ) فعل ماضٍ، وفاعلُهُ ضمير عائد إلى (الله)، (عليك) مُتعلّقان بـ(نزَّلَ)، (الكتابَ) مفعول به، والمُرادُ به : القُرآن، (بالحقّ) مُتعلّقان بـ(أنْزَلَ)، و(الحقّ) : الصِّدْقُ الثابت الذي لا شَكَّ فيه، (مُصدّقاً) حال من (الكتاب)، و(صَدَّقَ بقولِهِ) : اعْتَرَفَ به، وثَبَّتَهُ، (لما) متعلقان بـ(مصدقاً)، (ما) موصول، (بينَ) ظرف مكان مُتعلّق بمُقدّر صلة (ما)، وهو مُضاف إلى (يَدَيْهِ)، ومعنى (بين يدَيْه) على المجاز، والمُراد : ما تَقَدّم أمامَهُ من الكُتُب، (وأنْزَلَ .. الإنجيل) عطف على (نزّل عليك ..) (التوراةَ) مفعول به، و(التوراة) : الشريعةُ المُشتملةُ على الفرائض والأحكام والوصايا التي أنزَلَها اللهُ على موسى (والإنجيل) عطف على (التوراة)، و(الإنجيل) : الكتابَ المُشتملَ على الوصايا والمعارف الإلهيّة التي تُهَذِّبُ نفسَ الإنسان، وتُطَهِّرُها من سوء الأخلاقِ والطّباعِ الفاسِدة، والمُشتملَ على البِشارةِ لنفسِهِ بأنّهُ الرسولُ الذي يُؤيِّدُهُ اللهُ بروحِ القُدُس إلى بني إسرائيل، لتذكيرِهم بالعمل بالشريعة التي أنزَلها على موسى، وإنذارِهم بالعقابِ إذا تركوا العمَلَ بها، والبشارةِ إلى بني إسرائيل بأنْ يُخَفِّفَ عنهم بعض التكاليف الشاقّة التي فَرَضَها اللهُ عليهم، وأنْ يُحِلَّ لهم بعضَ ما حرَّمَهُ عليهم، والبشارة بأنّ اللهَ يرفعُهُ إليه، ويُخَلّصُهُ من مُؤامرةِ بني إسرائيل عليه، والبشارة بالرسول الذي يأتي من بعدِهِ

– 4 – (من قبلُ) متعلّقان بـ(أنزل) مُقدّراً بدلالةِ ما قبلَه، والجملة تفسير لـ(أنزَلَ التوراة والإنجيل)، وبُنيتْ (قبلُ) على الضم، لأنّها قُطِعت عن الإضافة مع إرادة معنى المُضاف إليه، وتقدير الكلام : (من قبلِ إنزالِ القرآن)، (هُدىً) مفعول لأجله، والعامل فيه (أنزلَ)، (للناس) مُتعلّقان بـ(هُدىً)، (وأنزل الفرقان) عطف على ما قبلها، ويدلُّ السياق على مُتعلّق مُقدّر بـ(أنْزَلَ)، والتقدير : (وانْزَلَ من بعدِهما الفُرقانَ)، (الفُرْقانَ) مفعول به، و(الفُرْقان) : القُرآنُ الذي فَصَّلَ اللهُ فيه كُلَّ شيءٍ من الفرائض والأحكام والقوانين والوصايا والمعارف الإلهية وبيَّنَهُ تبياناً لا لَبْسَ فيه، (إنّ الذين … شديد) مستأنفة في سياق ما قبلها، (الذين) موصول اسم (إنَّ)، (كفروا ..) صلة (الذي)، (بآياتِ) مُتعلّقان بـ(كفروا)، و(آياتِ) مُضاف إلى (الله)، (لهم عذاب) خبر (إنّ)، (لهم) مُتعلّقان بمُقدّر خبر مُقدّم، (عذابٌ) مُبتدأ مُؤخَّر، (شَديدٌ) صفة لـ(عذاب)، (والله .. انتقام) مرتبطة بما قبلها بالواو لتوكيد مضمونها، (اللهُ) مبتدأ، (عزيزٌ) خبر، (ذو) خبر ثان مرفوع بالواو لأنّهُ من الأسماء الخمسة، وهو مُضاف إلى (انتقام)، و(الانتقام) : العقابُ االشديد

– 5 – (إنّ الله … السماء) مستأنفة في سياق ما قبلها، وفيها تحذير للذين كفروا بآيات الله، (اللهَ) اسم (إنَّ)، (لا يخفى .. السماء) خبر (إنّ)، (لا) نافية، (يخفى) مُضارع مرفوع بضمَّة مُقدّرة، (عليه) مُتعلّقان بـ(يخفى)، (شيءٌ) فاعلُهُ، (في الأرض) مُتعلّقان بمُقدّر صفة لـ(شيء)، (ولا في السماء) عطف على (في الأرض)، و(لا) زائدة لتوكيد النفي، ودلالة المُضارع هنا على الحقيقة الثابتة في كلّ زمان

– 6 – (هو … يشاء) مستأنفة في سياق ما قبلها، للاستدلال على أنّ الله لا يخفى عليه شيء، (هو) مبتدأ، (الذي) موصول خبر، (يُصَوّركم .. كيفَ يشاء) صلة (الذي) (يُصَوّرُكم) مُضارع مرفوع، وفاعلُهُ ضمير عائد إلى (الذي)، والضمير (كم) مفعول به، و(صَوَّرَ الشيءَ) : أوْجَدَهُ وجَعَلَ له شكلاً ذا صِفاتٍ خاصّة، (في الأرحام) مُتعلّقان بـ(يُصَوّركم)، (كيفَ) اسم مبني على الفتْح في محلّ نصب حال من فاعل (يشاء) الذي بعده، (يشاءُ) مُضارع مرفوع، وفاعلُهُ ضمير عائد إلى (الذي)، والمفعول به مُقدّر، ليَذْهَبَ العقلُ فيه أيّ مذهب، (لا .. هو) خبر ثان للمبتدأ (هو)، وتقدّم القولُ فيها، (العزيزُ الحكيمُ) خبران ثالث ورابع للمبتدأ الأول (هو)

– 7– (هو … متشابهات) مستأنفة في سياق ما قبلها، (هو) مبتدأ، (الذي) موصول خبر، (أنْزَلَ ..) صلة (الذي)، (الكتابَ) مفعول به، والمُراد به : القرآن، (منه .. محكمات) حال من (الكتاب)، (منه) مُتعلّقان بمُقدّر خبر مُقدّم، (آياتٌ) مبتدأ مُؤخَّر، (مُحكماتٌ) صفة لـ(آيات)، و(المُحْكَم) : المُتْقَن، و(المُحْكَم من آيات القرآن) : الظاهر الذي لا شُبْهَةَ فيه، ولا يحتاجُ إلى تأويل، (هنّ أمُّ الكتاب) صفة ثانية لـ(آيات)، (هُنَّ) مُبتدأ، (أُمُّ) خبر مُضاف إلى (الكتاب)، و(الأمّ) : أصل الشيء، والمُراد بـ(الكتاب) هنا : الفرائض والأحكام، و(أُخَرُ) عطف على (آيات)، وهي في الأصل صفة قامتْ مقامَ موصوفٍ مُقدّر، والتقدير (آياتٌ أُخَرُ)، (مُتشابهات) صفة ثانية لـ(آيات) التي قامتْ (أُخَرُ) مقامها، و(تشابَهَ الشيئان) : أشْبَهَ كُلٌّ منهما الآخر حتى اخْتَلَطا، و(التشبيه) : تمثيلُ أمْرٍ بأمرٍ آخر، وعندَ عُلماء البيان : (إلحاقُ أمْرٍ بأمْرٍ آخر لصفة مُشتركة بينهما)، ولمّا كان القرآنُ قد نَزَلَ بلغةِ العَرَبِ وأساليبهم في الكلام، فإنَّ أساليبَ العَربِ في الكلام على نوعين، فقد يأتونَ بالكلام مُحْكماً أحياناً، وهو الكلامُ الذي يفهمُهُ السامعُ مُباشرَةً، ولا يحتاجُ إلى التفكيرِ وإعمالِ العقل وحَمْلِ بعضِهِ على بعض، وقد يأتونَ به مُتشابهاً أحياناً، وهو الكلامُ الذي يُعَبّرون فيه عن المعنى بأساليب مُختلفة، فمرّة يأتون به بأسلوب الخبر، وأخرى بأسلوب الإنشاء، أو يأتون به في صورة التشبيه، أو التشبيه التمثيلي، أو المجاز أو الاستعارة، أو الكناية، أو التلويح والإشارة، أو غير ذلك، وهذا النوعُ من الكلام يحتاجُ إلى إعمالِ العقل للوصول إلى المعنى المُراد، وهو الذي يستهوي العرب، ويطيرون فَرحاً حين يصلونَ إلى معناه بعدَ سَماعِهِ، وبهذا النوع من الكلام نظموا قصائدهم المشهورة، وقد نَزَلَ القرآنُ الكريم بالأسلوبَيْنِ المذكورَيْنِ، ودَخَلَ اللحنُ إلى كلام العرب في الأزمنة الماضية، وفي زمننا الحاضر، فالقارئ الذي يقرأ شِعْرَ القصائدِ التي نُظِمَتْ قبل نزولِ القرآن أو وَقْتَ نزولِه أو السامع الذي يسمعها يحتاجُ إلى تحليلِ جُمَلها وكلماتِها وفْقَ أساليبِ العرب في الكلام، ليصِلَ إلى المعنى المُراد، وكذلك يحتاجُ قارئ القرآن أو سامعه إلى تحليل الآياتِ المُتشابِهة وفْقَ أساليبِ العرب في الكلام، ليصِلَ إلى المعنى المُراد، (فأمّا الذين … تأويله) مرتبطة بما قبلها بالفاء، (أمّا) حرف تفصيل فيه معنى الشرط، (الذين) موصول مبتدأ، (في قلوبهم زَيْغٌ) جملة اسمية صلة (الذين)، و(الزَّيْغُ) : المَيْلُ عن القَصْدِ، (فيتّبعون … تأويله) خبر (الذين)، والفاء واقعة في جواب (أمّا)، (يَتّبعون) مُضارع مرفوع بثبوت النون، (واو الجماعة) فاعلُهُ، و(اتَّبَعَ الشيءَ) : تَطَلَّبَهُ وسار وراءهُ، (ما) موصول مفعول به، (تشابَهَ منه) صلة (ما)، (تشابهَ) فعل ماضٍ، وفاعلُهُ ضمير عائد إلى (ما)، (ابتغاءَ) مفعول لأجله مُضاف إلى (الفتنة)، والمراد بـ(الفتنة) : الاضْطراب وبلْبَلةِ الأفكار، و(الفتنة) : الضلال، (وابتغاء تأويله) عطف على سابقه، و(أوَّلَ الكلامَ وتأوَّلَهُ) : أرْجَعَهُ إلى المعنى الذي ظَهَرَ له منه، و(أوَّلَ الكلامَ وتأوَّلَهُ) : فَسَّرَهُ، (وما … في العلم) مرتبطة بما قبلها بالواو، (ما) نافية، (يعلمُ) مُضارع مرفوع، (تأويلَهُ) مفعول به، ويدلّ تكرار (التأويل) مَرّتين على أنّ معناه في المرّة الأولى : إرجاعُ ظاهرِ الآياتِ المُتشابهةِ إلى معنى غير المعنى الذي أرادهُ اللهُ تعالى من  دون التَمَكُّنِ من لغة القرآن وأساليبه في الكلام، ومعنى التأويل في المرّة الثانية : معرفة معاني آيات القرآن على وَجْهِها الذي أراده الله تعالى بالتَّمَكُّنِ من لغة القرآن وأساليبه في الكلام، (إلا) أداة حصر، (اللهُ) فاعل، (والراسخون) عطف على (الله)، (في العِلْم) مُتعلّقان بـ(الراسخون)، و(رَسَخَ في العِلْم) : تَمَكّنَ فيه، ولم تَعْرضْ له فيه شُبْهة، ويدلُّ هذا المعنى على أنّ المُراد بـ(العِلْم) : عِلْمُ لغةِ القرآن وأساليبِهِ في الكلام، وبناءً على هذا التحليل يكون الوقف على (العِلْم)، والابتداء بـ(يقولون)، (يقولون … ربّنا) مُسْتأنفة في سياق ما قبلها، (يقولون) مُضارع مرفوع بثبوت النون، (واو الجماعة) فاعلُهُ، وهو عائد إلى (الرسخون في العِلْم)، (آمنّا .. ربّنا) مقول القول، (آمَنّا) فعل ماضٍ، وضمير المُتكلّمين فاعلُهُ، (به) مُتعلّقان بـ(آمنّا)، و(الهاء) ضمير عائد إلى (القرآن)، (كلٌّ .. ربّنا) تعليل لإيمانهم، (كُلٌّ) مُبتدأ، والتنوين فيه عوض عن مُضاف إليه مُقدّر، والتقدير : (كُلُّ آياتِهِ)، وسَوّغ الابتداء بالنكرة كونها في نيّة الإضافة، (من عند) مٌتعلّقان بمُقدّر خبر المُبتدأ، و(عند) مُضاف إلى (ربّنا)، (وما يذكر … الألباب) مُعترضة لبيان واقع الحال، (ما) نافية)، يذَّكَّرُ) مُضارع مرفوع، و(تذَكَّرَ الشيءَ) : حَفِظَهُ ولم يُضَيّعْهٌ، و(أذْكَرَ الحقَّ عليه) : أظْهَرَهُ وأعْلَنَهُ

– 8 – (ربّنا … هَدَيْتَنا) مقول قولٍ مُقدّر معطوف على (يقولون)، (لا) ناهية جازمة، (تُزِغْ) مُضارع مجزوم بها، وفاعلُهُ ضمير المُخاطب مُستتراً، والنهي بمعنى الدعاء، و(زاغَ) : مال عن القَصْدِ، (بعدَ) ظرف زمان مُتعلّق بـ(تُزِغْ)، وهو مُضاف إلى (إذْ)، و(إذْ) ظرفية مصدرية هنا، وهي تُؤوَّل مع الفعل بظرف مُضاف إلى المصدر، وتقدير الكلام : (بعد زمان هِدايتنا)، (وهَبْ .. رحمةً) عطف على ما قبلها، (هَبْ) امْرٌ بمعنى الدّعاء، وفاعلُهُ ضمير المُخاطب مُستتراً، (لنا) مُتعلّقان بـ(هَبْ)، (من لَدُنْكَ) مُتعلّقان بمُقدّر كان صفة لـ(رحمة) فلمّا قُدِّمَ عليها صار في محلّ نصب على الحال منها، (رحمةً) مفعول به، (إنّك … الوهاب) تعليل للدعاء، (إنَّك) (إنَّ) واسمها، (أنت) توكيد للكاف في (إنّك)، (الوَهّابُ) خبر (إنّ)، و(وَهَبَ له الشيءَ) : مَنَحَهُ إيّاهُ

– 9 – (ربّنا … فيه) مقول قولٍ مُقدّر معطوف على (يقولون)، (جامِعُ) خبر (إنَّ) مُضاف إلى (الناس)، (ليومٍ) مُتعلّقان بـ(جامع)، (لا ريبَ فيه) صفة لـ(يوم)، وتقدّمَ القولُ في مثلها، (إنّ … الميعاد) يدلُّ السياق على أنّها تعليل لجملة مُقدّرة من قولهم تكون توكيداً لما قالوه، والتقدير : (نؤكِّدُ أنّهُ واقِعٌ لا محالة إنّ الله ..)، (اللهَ) اسم (إنَّ)، (لا يُخْلِفُ الميعادَ) خبر (إنَّ)، (لا) نافية، (يُخْلِفُ) مُضارع مرفوع، وفاعلُهُ ضمير عائد إلى (الله، (الميعادَ) مفعول به، و(الميعاد) : وَقْتُ الوَعْد .