نحو منهج لفهم معاني القرآن بتحليل آياته وفق لغة العرب وأساليبهم في الكلام كما فهمها العربي في زمن نزول القرآن

(ملاحظة : ما بين قوسين هو دلالة المعنى في ضوء التحليل اللغوي، وقد جعلتُهُ في الأصل باللون الأحمر تمييزا له عن المعنى في ضوء التحليل اللغوي)

۞ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلًا عَبۡدٗا مَّمۡلُوكٗا لَّا يَقۡدِرُ عَلَىٰ شَيۡءٖ وَمَن رَّزَقۡنَٰهُ مِنَّا رِزۡقًا حَسَنٗا فَهُوَ يُنفِقُ مِنۡهُ سِرّٗا وَجَهۡرًاۖ هَلۡ يَسۡتَوُۥنَۚ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِۚ بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ ٧٥ وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلٗا رَّجُلَيۡنِ أَحَدُهُمَآ أَبۡكَمُ لَا يَقۡدِرُ عَلَىٰ شَيۡءٖ وَهُوَ كَلٌّ عَلَىٰ مَوۡلَىٰهُ أَيۡنَمَا يُوَجِّههُّ لَا يَأۡتِ بِخَيۡرٍ هَلۡ يَسۡتَوِي هُوَ وَمَن يَأۡمُرُ بِٱلۡعَدۡلِ وَهُوَ عَلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ ٧٦ وَلِلَّهِ غَيۡبُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ وَمَآ أَمۡرُ ٱلسَّاعَةِ إِلَّا كَلَمۡحِ ٱلۡبَصَرِ أَوۡ هُوَ أَقۡرَبُۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ ٧٧ وَٱللَّهُ أَخۡرَجَكُم مِّنۢ بُطُونِ أُمَّهَٰتِكُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ شَيۡ‍ٔٗا وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡأَبۡصَٰرَ وَٱلۡأَفۡ‍ِٔدَةَ لَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ ٧٨ أَلَمۡ يَرَوۡاْ إِلَى ٱلطَّيۡرِ مُسَخَّرَٰتٖ فِي جَوِّ ٱلسَّمَآءِ مَا يُمۡسِكُهُنَّ إِلَّا ٱللَّهُۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ ٧٩ وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنۢ بُيُوتِكُمۡ سَكَنٗا وَجَعَلَ لَكُم مِّن جُلُودِ ٱلۡأَنۡعَٰمِ بُيُوتٗا تَسۡتَخِفُّونَهَا يَوۡمَ ظَعۡنِكُمۡ وَيَوۡمَ إِقَامَتِكُمۡ وَمِنۡ أَصۡوَافِهَا وَأَوۡبَارِهَا وَأَشۡعَارِهَآ أَثَٰثٗا وَمَتَٰعًا إِلَىٰ حِينٖ ٨٠ وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّمَّا خَلَقَ ظِلَٰلٗا وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ ٱلۡجِبَالِ أَكۡنَٰنٗا وَجَعَلَ لَكُمۡ سَرَٰبِيلَ تَقِيكُمُ ٱلۡحَرَّ وَسَرَٰبِيلَ تَقِيكُم بَأۡسَكُمۡۚ كَذَٰلِكَ يُتِمُّ نِعۡمَتَهُۥ عَلَيۡكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تُسۡلِمُونَ ٨١ فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَإِنَّمَا عَلَيۡكَ ٱلۡبَلَٰغُ ٱلۡمُبِينُ ٨٢ يَعۡرِفُونَ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكۡثَرُهُمُ ٱلۡكَٰفِرُونَ ٨٣

المعنى في ضوء التحليل اللغوي :

– 75 – ذَكَرَ اللهُ مَثَلاً للمُقارَنَةِ بينَهُ وبينَ الذين جَعَلُوهم شُرَكاءَ مَعَهُ في العِبادَةِ، أي : ذَكَرَ عَبْداً مَمْلُوكاً لغيرِهِ، لا يَقْدِرُ أنْ يَتَصَرَّفَ في شيءٍ، ولا يَقْدِرُ أنْ يَفْعَلَ شيئاَ دونَ إذنِ مالِكِهِ، وحُرّاً مَوْصُوفاً بأنّا رَزَقْناه من عِنْدِنا مالاً طيّباً كثيراً، وجَعَلْناهُ قادراً على التّصَرُّفِ بمالِهِ كما يشاءُ، فهو بسَبَبِ ذلك يُنْفِقُ من مالِهِ حالةَ كونِهِ مُسِرّاً بإنفاقِهِ أحياناً وجاهِراً به أحياناً، هلْ يَسْتَوِي العبيدُ العاجِزُونَ عن التَّصَرُّفِ في كُلِّ شيءٍ والأحرارُ المالكون القادرون على التَّصَرُّفِ ؟ لا، لا يَسْتَوون، فإذا كانَ الجوابُ بالنّفْي، فلماذا تُسَوّونَ بينَ اللهِ العظيمِ القادرِ على كُلِّ شيءٍ، المالكِ الرّازِقِ المُنعِم وبين الذين جَعَلْتُمُوهم شُركاءَ معه  وهم عاجزون لا يَقْدِرُون على شيءٍ ؟ ولماذا تُسَوّونَ بين اللهِ وبين الذينَ جَعَلْتُمُوهُم شُرَكاءَ معهُ في الصّفاتِ، فتَذْكُرُون لهم أوصافاً شبيهةً بأوصافِ اللهِ ؟ المَجْدُ والعَظَمَةُ والثناءُ الجميلُ للهِ، بل أكثرُ هؤلاء الذين يُسوّون بين الله وبين الذين جعلوهم شُركاءَ معه في القُدْرةِ والصّفات لا يعلمون أنّه ليس كمثلِهِ شيءٌ، وأنّهُ لم يكُنْ لَهُ أحَدٌ كُفُؤاً

– 76 – وذَكَرَ اللهُ مَثَلاً للمُقارَنَةِ بينَهُ وبينَ الذين جَعَلُوهم شُركاءَ مَعَهُ في العبادة، أي : ذَكَرَ رَجُلَينِ موصوفَيْنِ بأنّ أحدَهُما أبْكَمُ (أي : لا يَسْمَعُ ولا يَتَكَلَّمُ ولا يُبْصِرُ ولا يَعْقِلُ)، صِفَتُهُ أنّهُ لا يقْدِرُ على شيءٍ ممّا يَقْدِرُ عليه الذي يسمعُ ويتكلّمُ ويُبْصِرُ ويفْهَمُ المعلوماتِ التي تُلْقَى إليه، ويَنْقُلُها إلى الآخَرين، وحالُهُ أنّهُ عِبْءٌ ثقيلٌ على مَنْ يَعُولُهُ ويَلِي أمْرَهُ، لأنّهُ لا يَقْدِرُ أنْ يُدبّرَ أمْرَ نَفْسِهِ، وحالُهُ أيضاً أنّهُ أيَّ مكانٍ يُرْسِلْهُ مَنْ يعولُهُ ويَلِي أمْرَهُ في حاجةٍ من حوائجِ نفسِهِ، أو من حوائِجِ مولاهُ لا يَجْلِبْ أيَّ مَنْفَعَةٍ، ولا ينْجَحْ في قضاءِ حاجةٍ، فهو لا يستطيعُ أنْ يَنْفَعَ نفسَهُ، ولا ينْفَعَ غيرَهُ، فهل يَسْتَوِي هو والذي يأمُرُ بالاسْتِقامَةِ والإنْصافِ بين النّاسِ، وهو على دينٍ مُسْتَوٍ مُعتَدَلٍ، فيهْدِي النّاسَ إليه ؟ لا، لا يستويان، فإذا كان الجوابُ بالنَّفْي، فلماذا تُسَوُّونَ بين َاللهِ العالِمِ السّميعِ البَصيرِ بكُلِّ شيءٍ، الذي يَصْطَفِي من عبادِهِ رُسُلاً، ويُكلّمهم بما يُوحيه إليهم، ويُرْسِلُهم إلى النّاسِ، ليَهْدُوهم إلى دينِهِ المستقيم وبين آلهَتِكُم التي لا تَسْمَعُ ولا تَتَكَلَّمُ ولا تُبْصِرُ ولا تَعْقِلُ ولا تستطيعُ أنْ تنفَعَ نفسَها، ولا تنْفَعَ غيرَها ؟

– 77 – ومن الحُجَجِ على وحدانيّةِ اللهِ وعدم وجودِ شريكٍ معه أنَّ للهِ وَحْدَهُ غيبُ السماواتِ والأرضِ (أي : كُلُّ شيءٍ غابَ عن إدراكِ خَلْقِهِ وحواسِّهِم في السماوات والأرض، يَمْلِكُهُ وَحْدَهُ، ولا يَمْلِكُ شيئاً منه أحدٌ غيرُهُ، ومنهُ عِلْمُ إحداثِ السّماواتِ وما فيها، وعِلْمُ إحداثِ الأرضِ وما فيها)، وعِنْدَهُ وَحْدَهُ عِلْمُ وَقْتِ يومِ القيامةِ، وما حدوثُ وقتِ يومِ القيامةِ عنْدهُ إلّا مِثْلُ قَدَرِ زَمَنِ امتدادِ ضّوْءِ البَصَرِ إلى الشيءِ لتَحْدُثَ رُؤْيَتُهُ، أو هو أقْرَبُ من ذلك في الزّمانِ، لأنّ اللهَ قديرٌ على كُلِّ شيءٍ

– 78 – ومن الحُجَجِ على وَحْدانيّةِ اللهِ وعَدَمِ وجودِ شريكٍ معه أنَّ اللهَ أخْرَجَكم من بُطونِ أمّهاتِكم حينَ الولادةِ وحالُكم أنّكم لا تعرفونَ شيئاً من العُلُومِ والمعارِفِ (أي : صَفْحَةُ المَعْلُوماتِ في عَقْلِكم خاليةٌ من أيِّ عِلْمِ من العُلومِ، أو مَعْرِفَةٍ من المعارِفِ التي اكْتَسَبَها آباؤكم وأُمّهاتُكم في حياتِهم)، وخَلَقَ لكم بالتّصْييرِ مرحلةً بعد مرحلةٍ أجْهَزَةَ السّمْعِ والبَصَرِ، لتَكْتَسِبُوا بهما معلوماتٍ مِمّا تَسْمَعونَ وتُبْصِرونَ، وأجهزةَ الوَعْي والإدراك والحِفْظِ والتَّفْكيرِ التي تَحْتَفِظُونَ بواسِطَتِها بالمَعْلُوماتِ والمعارِفِ التي تَكْتِسِبُونَها، وتَقْدِرُونَ بواسطتِها على التَّفكيرِ والمُقارَنَةِ والاسْتِنْتاجِ، والتَّمْييزِ بينَ الأشياءِ، لكي تَشْكُرُوهُ وتُثْنُوا عليه بتوحيدِهِ، وإخلاصِ العِبادةِ له، وهذا هو المطلوب منكم (يَدُلُّ تقديمُ السَّمْعِ على البَصَرِ والعَقْل على أنَّ اللهَ خَلَقَ في المرحلةِ الأولى من خَلْقِ الجنين جهازَ السَّمْعِ قَبْلَ غيرِهِ من أجهزةِ الإبصار والإدراك)

– 79 – ألَمْ يَصِلْ عِلْمُهم إلى حقيقةِ الطَّيْرِ حالةَ كونِهنّ مُذَلّلاتٍ بقَهْرِهِنَّ على الطَّيَرانِ في فَضاءِ السّماءِ، وحالُهنّ أنّهنّ ما يُمْسِكُهُنَّ من السُّقُوطِ إلى الأرضِ إلا اللهُ الذي خَلَقَ أسبابَ الطَّيَرانِ في الفضاءِ، وصَمَّمَ أجسامَهنّ للطَّيرانِ في أصْلِ خِلْقَتِهنّ، فبسَبَبِ ذلك لا يَسْقُطْنَ إلى الأرضِ، فيَعْجَبُوا من إتْقانِ خَلْقِها، فيُعْمِلُونَ عُقُولَهم في هذهِ الحُجَّةِ الواضِحةِ التي اسْتَدَلَّ اللهُ بها على وَحْدانيّتِهِ وقُدْرَتِهِ، ويُرَتِّبونَ بَعْضَ ما يَعْلَمُونَ ليَصِلوا إلى الحقيقةِ بأنَّ اللهَ الخالقَ العَليمَ القادِرَ هو الذي يَسْتَحِقُّ العِبادةَ وَحْدَهُ، أُؤكِّد أنّ في ذلك لَحُجَجَاً واضِحاتٍ على وَحْدانِيّةِ اللهِ وعَدَمِ وُجودِ شريكٍ مَعَهُ كائنةً لقومٍ صِفَتُهم أنَّهم يُؤْمنونَ بوجودِ خالقٍ للكونِ الذي يَعِيشُونَ فيه

– 80 – ومن الحُجَجِ على وحدانيّةِ اللهِ وعَدَمِ وجودِ شريكٍ مَعَهُ أنَّ اللهَ صَيَّرَ لأجْلِكُم من عُمومِ زوجاتِكم وعِيالِكم مَحَلَّ سَكَنٍ لكم، تسْتأنِسُ به نفوسُكم، وتَسْتَرِيحُونَ إليه، وصَيَّرَ لأجْلكم من عُمومِ جلودِ الإبِلِ والبَقَرِ والغَنَمِ والماعِزِ مساكِنَ صِفَتُها أنّكم تَجِدُونَها خَفِيفَةً في الحَمْلِ وَقْتَ تَرْحالِكم وسَفَرِكم من مكانٍ إلى مكان، ووقتَ إقامَتِكم في المكانِ الذي تَنْزِلُون فيه (يدلّ المعنى على أنَّ جلودَ الأنعامِ كانوا يَعْمَلُون منها قِباباً وخِيَاماً هي بيوتُهم التي يعيشون فيها)، وصَيَّرَ لأجلكم من عُمُومِ أصوافِ الأنعامِ وأوبارِها وأشعارِها أثاثاً لبيوتِكم من فُرُشٍ وغيرِها، ومتاعاً تَنْتَفِعُونَ بِهِ، وتَرْغَبُونَ في اقْتِنائِهِ من بُسُطٍ وأغْطِيةٍ وغيرِها إلى وَقْتٍ، إنَّ في ذلك لَحُجّةً واضِحَةً لقومٍ صِفَتُهم أنّهم يُعْمِلُونَ عقولَهم في هذهِ الحُجّةِ الواضحةِ التي اسْتَدَلَّ اللهُ بها على وحدانيّتِهِ وقُدْرَتِهِ، ويُرَتِّبون بعضَ ما يعلَمونَ ليَصِلُوا إلى الحقيقةِ بأنَّ اللهَ الخالقَ العليمَ القادرَ هو الذي يَسْتَحِقُّ أنْ يُخْلِصوا له العِبادَةَ

– 81 – واللهُ صَيّرَ لأجْلِكُم من عُمومِ الذي خَلَقَهُ من الأشْجارِ والجِبالِ والأجْسامِ الأخرى ظِلالاً تَسْتَظِلّونَ بها من حَرِّ الشَّمْسِ (يَدُلُّ المعنى على أنّ هذه نِعْمَةٌ إلهيةٌ، لأنَّ حُدُوثَ الظِّلّ يكونُ بحَجْبِ أشِعّةِ الشَّمْس بواسطَةِ جسْمٍ غير شَفّاف، فنظامُ تكوين الظِّلّ لا يقدرُ عليه إلا الخالِقُ العَظيم)، وصَيَّرَ لأجلِكم عمومَ الجِبالِ أكْناناً تَرُدُّ عنكم الحرَّ والبَرْدَ، كالمغاراتِ والكُهُوفِ والشُّقُوقِ (يَدُلُّ المعنى على أنَّ اللهَ تعالى خَلَقَ في الجِبالِ مغاراتٍ وكُهُوفاً وشُقوقاً، لأجْلِ أنْ يتّخذها الإنسانُ الأوَّلُ مساكِنَ تَقِيهِ الحَرَّ والبَرْدَ قبل أنْ يُلْهِمَهُ اللهُ كيفيةَ صناعةِ البُيوتِ)، واللهُ خَلَقَ لأجلكم ثياباً صِفَتُها أنّها تحْفَظُكم من الحَرِّ والبَرْدِ، ودُرُوعاً تَرُدُّ عنكم الضَّرْبَ والطّعْنَ في حُرُوبِكم (يَدُلُّ المعنى على أنّ اللهَ تعالى أوْجدَ الموادَّ التي تُصْنَعُ منها الثيابُ كالقُطْنِ والكتّانِ والصُّوفِ وغيرِها، وألْهَم الإنسانَ كيفِيَّةَ صناعَتِها ثياباً، وأنّهُ تعالى أوْجَدَ الموادَّ التي تُصْنَعُ منها الدُّروعُ كالحديد، وألْهَمَ الإنسانَ كيفيّةَ صناعَتِها دُرُوعاً)، يُتمُّ اللهُ نِعْمَتَهُ عليكم في زمانِكم إتماماً مثل ذلك الإتمام الذي أتَمَّ به نِعْمَتَهُ على خَلْقِهِ في مراحِلِ حياتِهم، لكي تُسْلِموا وتَنْقادوا للهِ بتوحيدِهِ وإخلاص العِبادة له، وهذا هو المطلوب منكم

– 82 – فإنْ أعْرَضُوا عن توحِيدِ اللهِ وإخلاصِ العِبادَةِ لَهُ مع ذِكْرِ الحُجَجِ على وحدانيّتِهِ وعَدَمِ وجودِ شريكٍ معه ، وأعْرَضُوا عن التَّدَبُّرِ في نِعَمِ الله التي ذَكَرَها لهم، وقابلُوا نِعَمَ الله عليهم بالجُحُودِ والشِّرْكِ به فلا لومَ عليك، ولا تقصيرَ، لأنّهُ إنّما عليك التبليغُ الواضِحُ، وليس عليك وظيفةٌ سوى التبليغ، (أي : ليس عليك أنْ تُكْرِهَهم على الإيمان)

– 83 – هم يَعْرِفُونَ أنواعَ نِعَمِ اللهِ التي ذَكَرَها للاحْتِجاجِ على وحدانيّتِهِ وعَدَمِ وُجودِ شريكٍ مَعَهُ، ويَعْرِفُونَ أنّ هذه النِّعَم لا يَقْدِرُ على خَلْقِها وإيجادِها إلا اللهُ، ثم يَجْحَدُونها، ولا يَعْتَرِفُونَ أنَّ الذي أوْجَدَها لَهُمْ يَسْتَحِقُّ التّنْزِيهَ عن الشَّريكِ، ويَسْتَحِقُّ إخلاصَ العبادةِ لَهُ، وحالُهم أنّ أكثرَهم جاحِدُونَ وَحْدانيّةَ اللهِ وجاحدون نِعَمَهُ عليهم .

توحيد الله

– 75 – (ضرب … وجهراً) مُستأنفة في سياق ما قبلها، (ضَرَبَ) فعلٌ ماضٍ، (اللهُ) فاعلُهُ، (مَثَلاً) مفعول به، (عبداً) بدل من (مَثَلاً)، (مملوكاً) صفة لـ(عبداً)، (لا .. شيء) صفة ثانية، (لا) نافية، (يقدِرُ) مُضارع مرفوع، وفاعلُهُ ضمير عائد إلى (عبداً)، (على شيءٍ) مُتعلّقان بـ(يقدِر)، (ومَنْ) نكرة موصوفة عطف على (عبداً)، (رَزَقْناهُ .. حَسَنا) صفة لـ(مَنْ)، (رَزَقْناهُ) فعل ماضٍ، وضميرُ المُتكلّمين فاعلُهُ، والهاء مفعول به أوّل، (منّا) مُتعلّقان بـ(رَزَقْناهُ)، (رزقاً) مفعول به ثان، (حسناً) صفة له، (فهو … وجهراً) مرتبطة بما قبلها بالفاء التي بمعنى السببية، (هو) مُبتدأ، (يُنفقُ … وجهْراً) خبر، (يُنْفِقُ) مُضارع مرفوع، وفاعلُهُ ضمير عائدٌ إلى (هو)، (منه) مُتعلّقان بـ(يُنْفِقُ)، (سِرّاً وجَهْراً) مصدران في موضع الحال، (هل يستوون) مستأنفة في سياق الكلام، والاستفهام بمعنى النفي والإنكار، (يستوون) مُضارع مرفوع بثبوت النون، (واو الجماعة) فاعلُهُ، وأعاد الضمير إلى الفريقين بصيغة الجمع لأن المُراد بهما جنس العبيد والأحرار، (الحَمْدُ للهِ) مستأنفة في سياق الكلام، (بل .. لا يعلمون) مرتبطة بما قبلها بـ(بل) التي للإضراب، (أكثرُهم) مُبتدأ، (لا يعلمون) خبر

– 76 – (وضرب … بخير) عطف على ما قبلها، (مثلاً) مفعول به، (رجلين) بدل من (مثلاً)، (أحدُهما أبْكمُ) جملة اسمية صفة لـ(رجلين)، (أحَدُهما) مُبتدأ، (أبكم) خبر، و(الأبْكم) : الذي لا يَسْمَعُ ولا يَتَكَلَّمُ ولا يُبْصِرُ ولا يَعْقِلُ، (لا .. شيءٍ) صفة لـ(أبكم)، (لا) نافية، (يَقْدِرُ) مُضارع مرفوع، وفاعلُهُ ضمير عائد إلى (أبكم)، (على شيءٍ) مُتعلّقان بـ(يقْدِرُ)، (وهو .. مولاه) جملة اسمية حال من (أبكم) بعدَ وَصْفِهِ، (هو) مبتدأ، (كَلٌّ) خبر، و(الكَلُّ) : مَنْ يكونُ عِبْئاً على مولاه، (على مولاه) مُتعلّقان بـ(كَلّ)، (أينما … بخير) حال ثانية من (أبكم)، (أينما) اسم شرط جازم في محل نصب على الظرفية، (يُوَجِّهْهُ) جملة الشرط، (يُوَجِّهْهُ) مُضارع مجزوم بالشرط، وفاعلُهُ ضمير عائد إلى (مولاه)، والهاء مفعول به، و(وَجَّهَ فلاناً في حاجةٍ) : أرْسَلَهُ، (لا يأتِ بخير) جواب الشرط، (لا) نافية، (يأتِ) مُضارع مجزوم بالشرط، وعلامة جزمه حذف حرف العِلّة، وفاعلُهُ ضمير عائد إلى (أبْكم)، (بخير) مُتعلّقان بـ(يأتِ)، و(أتى بالشيء) : جاءَ به، و(الخيرُ) : كُلُّ شيءٍ فيه نَفْعٌ أو لَذّةٌ، أو سعادةٌ، (هل … بالعَدْل) مستأنفة في سياق الكلام، والاستفهام بمعنى النفي والإنكار، (يستوي) مُضارع مرفوع بضمّة مُقدّرة، وفاعلُهُ ضمير عائد إلى (أبكم)، (هو) توكيد للضمير المستتر في (يستوي)، (ومَنْ) موصول عطف على الضمير المستتر بعد توكيده بضمير بارز، (يأمُرُ بالعَدْل) صلة (مَنْ)، (يأمُرُ) مُضارع مرفوع، وفاعلُهُ ضمير عائدٌ إلى (مَنْ)، (بالعَدْلِ) مُتعلّقان بـ(يأمُرُ)، (وهو .. مستقيم) جملة اسميّة حال من فاعل (يأمرُ)، (هو) مُبتدأ، (على صراطٍ) مُتعلّقان بمُقدّر خبر، (مُستقيم) صفة لـ(صِراط)

– 77 – (ولله .. والأرض) مرتبطة بالواو بسياق ذِكْرِ الحُجَجِ على وحدانيّتِهِ وعدم وجودِ شريكٍ معه، (لله) مُتعلّقان بمُقدّر خبر مُقدّم، (غيبُ) مُبتدأ مُؤخَّر، و(غيب) مُضاف إلى (السماوات)، (والأرض) عطف على (السماوات)، (وما … أقرب) مرتبطة بالواو بجملة مُقدّرة، يدلُّ عليها لازمُ عِلْمِهِ بغيب السماواتِ والأرض، ويُمكن تقديرها : (وعِنْدَهُ عِلْمُ الساعة)، (ما) نافية، (أمْرُ) مبتدأ مُضاف إلى (الساعة)، و(أمْرُ الشيء) : حدوثُهُ، (إلا) أداة حصر، والكاف في (كلمح) بمعنى (مثل) خبر المبتدأ، وهو مُضاف إلى (لَمْح)، و(لَمْح) مُضاف إلى (البَصَر)، و(لَمْحُ البَصَر) : قَدَرُ امتدادِ ضوءِ البَصَرِ إلى الشيء من الزمان لتحْدُثَ رُؤْيَتُهُ، (أو هو أقْربُ) عطف على ما قبلها بـ(أو) التي بمعنى الإبهام، ومُتعلّق (أقرب) مُقدّر، تقديره : (أقرب من لمح البصر)، (إنّ … قدير) تعليل لما قبلها، (اللهَ) اسم (إنَّ) (على كُلِّ) مُتعلّقان بـ(قدير)، و(كُلّ) مُضاف إلى (شيء)، (قديرٌ) خبر (إنَّ)

– 78 – (والله … شيئاً) مرتبطة بالواو بسياق ذِكْرِ الحُجَجِ على وحدانيّتِهِ وعدم وجودِ شريكٍ معه، (االلهُ) مُبتدأ، (أخْرَجَكم … شيئاً) خبر المُبتدأ، (أخْرَجَكم) فعلٌ ماضٍ، وفاعلُهُ ضمير عائدٌ إلى (الله)، (من بطونِ) مُتعلّقان بـ(أخرجكم)، و(بطون) مُضاف إلى (أُمّهاتِكم)، (لا تعلمون شيئاً) حال من الضمير (كم) في (أخرجكم)، (لا) نافية، (تعلمون) مُضارع مرفوع بثبوت النون، (واو الجماعة) فاعلُهُ، (شيئاً) مفعول به، و(تعلمون) هنا بمعنى : تعرفون، (وجعل .. والأفئدة) عطف على ما قبلها، (جعلَ) فعلٌ ماضٍ، وفاعلُهُ ضمير عائدٌ إلى (الله)، و(جعل) بمعنى : خلق بالتصيير مرحلة بعد مرحلة، (لكم) مُتعلّقان بـ(جَعَلَ)، (السّمْعَ) مفعول به، (والأبصارَ) عطف على (السّمع)، (والأفْئِدَة) عطف على (السّمع)، والمراد بـ(الأفئدة) هنا : مراكز الوعي والإدراك والحفظ والتفكير، (لعلّكم تشكرون) تعليل لما قبلها

– 79 – (ألم .. الطير) مستأنفة في سياق ما قبلها، وتقدّم الكلام في مثلها، (الآية : 48)، (مُسخّراتٍ) حال من (الطير)، (في جَوّ) مُتعلّقان بـ(مُسَخّرات)، و(جو) مُضاف إلى (السماء)، و(الجَوّ) : الفضاء بين السماء والأرض، (ما … الله) حال ثانية من (الطير)، (ما) نافية، (يُمْسِكُهُنّ) مُضارع مرفوع، والضمير (هُنَّ) مفعول به، (إلّا) أداة حَصْر، (اللهُ) فاعلُهُ، (إنّ … يؤمنون) توكيد لمضمون ما قبلها، وتقدّم القولُ في مثلها

– 80 – (والله … سكناً) مرتبطة بالواو بسياق ذِكْرِ الحُجَجِ على وحدانيّتِهِ وعدم وجودِ شريكٍ معه، (اللهُ) مُبتدأ، (جعلَ … سَكَناً) خبر، (جَعَلَ) فعل ماضٍ بمعنى (صَيَّرَ)، وفاعلُهُ ضمير عائد إلى (الله)، (لكم) مُتعلّقان بـ(جَعَلَ)، (من بيوتكم) في موضع المفعول به الأوّل، و(من) زائدة لاستغراقِ الجنس،  و(بيتُ الرَّجُل) : زوجَتُهُ وعيالُهُ، (سَكَناً) مفعول به ثانٍ، و(السَّكَنُ) : ما تسْتأنِسُ به النّفْسُ وتستريحُ إليه، (وجعل … إقامتِكم) عطف على (جعل ..)، وتقدّمَ القولُ في (جَعَل لكم)، (من جلودِ) مفعول به أوّل، و(من) لبيان الجنس، و(جلود) مُضاف إلى (الأنعام)، (بيوتاً) مفعول به ثانٍ، (تستخفونها .. إقامتكم) صفة لـ(بيوتاً)، (تستخفّونها) مُضارع مرفوع بثبوت النون، (واو الجماعة) فاعلُهُ، والضمير (ها) مفعول به عائد إلى (بيوتاً)، و(تستخفّونها) : تجدونها خفيفةً، (يومَ) ظرف زمان مُتعلّق بـ(تستخفّونها)، و(يومَ) مُضاف إلى (ظَعْنِكم)، و(الظَّعْن) : التّرحال والسّفَر، (ويوم إقامتكم) عطف على (يومَ ظعنكم)، (ومن أصوافها) عطف على (من جلودِ الأنعام)، والقولُ فيها مثل القول في (وجعلَ لكم من جلود ..)، أي تكون (من أصوافها) مفعولاً به أوّل لـ(جعلَ) الذي قام حرف العطف مقامَهُ، و(من) لبيان الجنس (وأوبارها وأشعارها) عطف على (أصوافها)، (أثاثاً) مفعول به ثان، والجملة معطوفة على ما قبلها، و(الأثاث) : متاعُ البيت من فراش وغيره، (ومتاعاً) عطف على (أثاثاً)، و(المتاع) : ما يُنتَفَعُ به، ويُرْغَبُ في اقتنائه، (إلى حين) مُتعلّقان بـ(متاعاً)

– 81 – ( والله … ظِلالاً) عطف على (واللهُ جَعَلَ ..)، ومثلها في القول، والقولُ في (مِمَّا) مثل القول في (من بيوتِكم)، و(الظِّلال) جمعُ (ظِلّ)، وهو ما يُسْتَظَلُّ به، (وجعل … أكناناً) عطف (جعلَ ..)، و(الأكنان) جمعُ (كِن)، و(الكِن) : ما يَرُدُّ الحرَّ والبَرْدَ من الكهوفِ والغيران ونحوِها، (وجعل … الحَرَّ) عطف على ما قبلها، (جعلَ) فعلٌ ماضٍ، وهو هنا بمعنى (خَلَقَ)، وفاعلُهُ ضمير عائدٌ إلى (الله)، (لكم) مُتعلّقان بـ(جَعَلَ)، (سرابيلَ) مفعول به، و(السِّرْبال) : ما يُلْبَسُ من الثياب، والدِّرْع، (تقيكم الحرّ) صفة لـ(سرابيل)، واستُغنيَ بذكر الحَرّ عن البَرْدِ، لأنهما متعاقبان، (وسرابيلَ تقيكم بأسَكم) عطف على (سرابيل ..)، ومثلها في القول، والمُراد بـ(سرابيل) هنا : دروعاً، (كذلك … عليكم) مستأنفة في سياق ما قبلها، وتقدّم القول في الكاف في (كذلك)، (لعلّكم تُسْلِمون) تعليل لما قبلها

– 82 – (فإنْ … المبين) مرتبطة بما قبلها بالفاء، (تولّوا) جملة الشرط، (توَلّوا) مُضارع مجزوم بالشرط، وعلامة جزمه حذف النون، (واو الجماعة) فاعلُهُ، ومتعلّق (تولّوا) مُقدّر مفهوم من السياق، وجواب الشرط مُقدّر، تقديره : (فلا لومَ عليك، ولا تقصيرَ)، (فإنّما … المُبين) مرتبطة بجواب الشرط بالفاء التي بمعنى التعليل، (إنّما) كافّة ومكفوفة بمعنى الحصر، (عليك) مُتعلّقان بمُقدّر خبر مُقدّم، (البلاغُ) مبتدأ مُؤخّر، (المُبين) صفة لـ(البلاغ)

– 83 – (يعرفون نِعْمَةَ الله) خبر لمُبتدأ مُقدّر، تقديره (هم)، والجملة مُستأنفة في سياق ما قبلها، (يعرفون) مُضارع مرفوع بثبوت النون، (واو الجماعة) فاعلُهُ، (نِعْمَةَ) مفعول به، ومُضاف إلى (الله)، وهي جِنْسٌ يشتملُ على أنواعٍ كثيرةٍ، (ثُمّ يُنكرونها) عطف على ما قبلها، (وأكثرُهم الكافرون) جملة اسميّة حال من (واو الجماعة) في (يعرفون)