نحو منهج لفهم معاني القرآن بتحليل آياته وفق لغة العرب وأساليبهم في الكلام كما فهمها العربي في زمن نزول القرآن
(ملاحظة : ما بين قوسين هو دلالة المعنى في ضوء التحليل اللغوي، وقد جعلتُهُ في الأصل باللون الأحمر تمييزا له عن المعنى في ضوء التحليل اللغوي)
۞ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلًا عَبۡدٗا مَّمۡلُوكٗا لَّا يَقۡدِرُ عَلَىٰ شَيۡءٖ وَمَن رَّزَقۡنَٰهُ مِنَّا رِزۡقًا حَسَنٗا فَهُوَ يُنفِقُ مِنۡهُ سِرّٗا وَجَهۡرًاۖ هَلۡ يَسۡتَوُۥنَۚ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِۚ بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ ٧٥ وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلٗا رَّجُلَيۡنِ أَحَدُهُمَآ أَبۡكَمُ لَا يَقۡدِرُ عَلَىٰ شَيۡءٖ وَهُوَ كَلٌّ عَلَىٰ مَوۡلَىٰهُ أَيۡنَمَا يُوَجِّههُّ لَا يَأۡتِ بِخَيۡرٍ هَلۡ يَسۡتَوِي هُوَ وَمَن يَأۡمُرُ بِٱلۡعَدۡلِ وَهُوَ عَلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ ٧٦ وَلِلَّهِ غَيۡبُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ وَمَآ أَمۡرُ ٱلسَّاعَةِ إِلَّا كَلَمۡحِ ٱلۡبَصَرِ أَوۡ هُوَ أَقۡرَبُۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ ٧٧ وَٱللَّهُ أَخۡرَجَكُم مِّنۢ بُطُونِ أُمَّهَٰتِكُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ شَيۡٔٗا وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡأَبۡصَٰرَ وَٱلۡأَفِۡٔدَةَ لَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ ٧٨ أَلَمۡ يَرَوۡاْ إِلَى ٱلطَّيۡرِ مُسَخَّرَٰتٖ فِي جَوِّ ٱلسَّمَآءِ مَا يُمۡسِكُهُنَّ إِلَّا ٱللَّهُۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ ٧٩ وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنۢ بُيُوتِكُمۡ سَكَنٗا وَجَعَلَ لَكُم مِّن جُلُودِ ٱلۡأَنۡعَٰمِ بُيُوتٗا تَسۡتَخِفُّونَهَا يَوۡمَ ظَعۡنِكُمۡ وَيَوۡمَ إِقَامَتِكُمۡ وَمِنۡ أَصۡوَافِهَا وَأَوۡبَارِهَا وَأَشۡعَارِهَآ أَثَٰثٗا وَمَتَٰعًا إِلَىٰ حِينٖ ٨٠ وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّمَّا خَلَقَ ظِلَٰلٗا وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ ٱلۡجِبَالِ أَكۡنَٰنٗا وَجَعَلَ لَكُمۡ سَرَٰبِيلَ تَقِيكُمُ ٱلۡحَرَّ وَسَرَٰبِيلَ تَقِيكُم بَأۡسَكُمۡۚ كَذَٰلِكَ يُتِمُّ نِعۡمَتَهُۥ عَلَيۡكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تُسۡلِمُونَ ٨١ فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَإِنَّمَا عَلَيۡكَ ٱلۡبَلَٰغُ ٱلۡمُبِينُ ٨٢ يَعۡرِفُونَ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكۡثَرُهُمُ ٱلۡكَٰفِرُونَ ٨٣
المعنى في ضوء التحليل اللغوي :
– 75 – ذَكَرَ اللهُ مَثَلاً للمُقارَنَةِ بينَهُ وبينَ الذين جَعَلُوهم شُرَكاءَ مَعَهُ في العِبادَةِ، أي : ذَكَرَ عَبْداً مَمْلُوكاً لغيرِهِ، لا يَقْدِرُ أنْ يَتَصَرَّفَ في شيءٍ، ولا يَقْدِرُ أنْ يَفْعَلَ شيئاَ دونَ إذنِ مالِكِهِ، وحُرّاً مَوْصُوفاً بأنّا رَزَقْناه من عِنْدِنا مالاً طيّباً كثيراً، وجَعَلْناهُ قادراً على التّصَرُّفِ بمالِهِ كما يشاءُ، فهو بسَبَبِ ذلك يُنْفِقُ من مالِهِ حالةَ كونِهِ مُسِرّاً بإنفاقِهِ أحياناً وجاهِراً به أحياناً، هلْ يَسْتَوِي العبيدُ العاجِزُونَ عن التَّصَرُّفِ في كُلِّ شيءٍ والأحرارُ المالكون القادرون على التَّصَرُّفِ ؟ لا، لا يَسْتَوون، فإذا كانَ الجوابُ بالنّفْي، فلماذا تُسَوّونَ بينَ اللهِ العظيمِ القادرِ على كُلِّ شيءٍ، المالكِ الرّازِقِ المُنعِم وبين الذين جَعَلْتُمُوهم شُركاءَ معه وهم عاجزون لا يَقْدِرُون على شيءٍ ؟ ولماذا تُسَوّونَ بين اللهِ وبين الذينَ جَعَلْتُمُوهُم شُرَكاءَ معهُ في الصّفاتِ، فتَذْكُرُون لهم أوصافاً شبيهةً بأوصافِ اللهِ ؟ المَجْدُ والعَظَمَةُ والثناءُ الجميلُ للهِ، بل أكثرُ هؤلاء الذين يُسوّون بين الله وبين الذين جعلوهم شُركاءَ معه في القُدْرةِ والصّفات لا يعلمون أنّه ليس كمثلِهِ شيءٌ، وأنّهُ لم يكُنْ لَهُ أحَدٌ كُفُؤاً
– 76 – وذَكَرَ اللهُ مَثَلاً للمُقارَنَةِ بينَهُ وبينَ الذين جَعَلُوهم شُركاءَ مَعَهُ في العبادة، أي : ذَكَرَ رَجُلَينِ موصوفَيْنِ بأنّ أحدَهُما أبْكَمُ (أي : لا يَسْمَعُ ولا يَتَكَلَّمُ ولا يُبْصِرُ ولا يَعْقِلُ)، صِفَتُهُ أنّهُ لا يقْدِرُ على شيءٍ ممّا يَقْدِرُ عليه الذي يسمعُ ويتكلّمُ ويُبْصِرُ ويفْهَمُ المعلوماتِ التي تُلْقَى إليه، ويَنْقُلُها إلى الآخَرين، وحالُهُ أنّهُ عِبْءٌ ثقيلٌ على مَنْ يَعُولُهُ ويَلِي أمْرَهُ، لأنّهُ لا يَقْدِرُ أنْ يُدبّرَ أمْرَ نَفْسِهِ، وحالُهُ أيضاً أنّهُ أيَّ مكانٍ يُرْسِلْهُ مَنْ يعولُهُ ويَلِي أمْرَهُ في حاجةٍ من حوائجِ نفسِهِ، أو من حوائِجِ مولاهُ لا يَجْلِبْ أيَّ مَنْفَعَةٍ، ولا ينْجَحْ في قضاءِ حاجةٍ، فهو لا يستطيعُ أنْ يَنْفَعَ نفسَهُ، ولا ينْفَعَ غيرَهُ، فهل يَسْتَوِي هو والذي يأمُرُ بالاسْتِقامَةِ والإنْصافِ بين النّاسِ، وهو على دينٍ مُسْتَوٍ مُعتَدَلٍ، فيهْدِي النّاسَ إليه ؟ لا، لا يستويان، فإذا كان الجوابُ بالنَّفْي، فلماذا تُسَوُّونَ بين َاللهِ العالِمِ السّميعِ البَصيرِ بكُلِّ شيءٍ، الذي يَصْطَفِي من عبادِهِ رُسُلاً، ويُكلّمهم بما يُوحيه إليهم، ويُرْسِلُهم إلى النّاسِ، ليَهْدُوهم إلى دينِهِ المستقيم وبين آلهَتِكُم التي لا تَسْمَعُ ولا تَتَكَلَّمُ ولا تُبْصِرُ ولا تَعْقِلُ ولا تستطيعُ أنْ تنفَعَ نفسَها، ولا تنْفَعَ غيرَها ؟
– 77 – ومن الحُجَجِ على وحدانيّةِ اللهِ وعدم وجودِ شريكٍ معه أنَّ للهِ وَحْدَهُ غيبُ السماواتِ والأرضِ (أي : كُلُّ شيءٍ غابَ عن إدراكِ خَلْقِهِ وحواسِّهِم في السماوات والأرض، يَمْلِكُهُ وَحْدَهُ، ولا يَمْلِكُ شيئاً منه أحدٌ غيرُهُ، ومنهُ عِلْمُ إحداثِ السّماواتِ وما فيها، وعِلْمُ إحداثِ الأرضِ وما فيها)، وعِنْدَهُ وَحْدَهُ عِلْمُ وَقْتِ يومِ القيامةِ، وما حدوثُ وقتِ يومِ القيامةِ عنْدهُ إلّا مِثْلُ قَدَرِ زَمَنِ امتدادِ ضّوْءِ البَصَرِ إلى الشيءِ لتَحْدُثَ رُؤْيَتُهُ، أو هو أقْرَبُ من ذلك في الزّمانِ، لأنّ اللهَ قديرٌ على كُلِّ شيءٍ
– 78 – ومن الحُجَجِ على وَحْدانيّةِ اللهِ وعَدَمِ وجودِ شريكٍ معه أنَّ اللهَ أخْرَجَكم من بُطونِ أمّهاتِكم حينَ الولادةِ وحالُكم أنّكم لا تعرفونَ شيئاً من العُلُومِ والمعارِفِ (أي : صَفْحَةُ المَعْلُوماتِ في عَقْلِكم خاليةٌ من أيِّ عِلْمِ من العُلومِ، أو مَعْرِفَةٍ من المعارِفِ التي اكْتَسَبَها آباؤكم وأُمّهاتُكم في حياتِهم)، وخَلَقَ لكم بالتّصْييرِ مرحلةً بعد مرحلةٍ أجْهَزَةَ السّمْعِ والبَصَرِ، لتَكْتَسِبُوا بهما معلوماتٍ مِمّا تَسْمَعونَ وتُبْصِرونَ، وأجهزةَ الوَعْي والإدراك والحِفْظِ والتَّفْكيرِ التي تَحْتَفِظُونَ بواسِطَتِها بالمَعْلُوماتِ والمعارِفِ التي تَكْتِسِبُونَها، وتَقْدِرُونَ بواسطتِها على التَّفكيرِ والمُقارَنَةِ والاسْتِنْتاجِ، والتَّمْييزِ بينَ الأشياءِ، لكي تَشْكُرُوهُ وتُثْنُوا عليه بتوحيدِهِ، وإخلاصِ العِبادةِ له، وهذا هو المطلوب منكم (يَدُلُّ تقديمُ السَّمْعِ على البَصَرِ والعَقْل على أنَّ اللهَ خَلَقَ في المرحلةِ الأولى من خَلْقِ الجنين جهازَ السَّمْعِ قَبْلَ غيرِهِ من أجهزةِ الإبصار والإدراك)
– 79 – ألَمْ يَصِلْ عِلْمُهم إلى حقيقةِ الطَّيْرِ حالةَ كونِهنّ مُذَلّلاتٍ بقَهْرِهِنَّ على الطَّيَرانِ في فَضاءِ السّماءِ، وحالُهنّ أنّهنّ ما يُمْسِكُهُنَّ من السُّقُوطِ إلى الأرضِ إلا اللهُ الذي خَلَقَ أسبابَ الطَّيَرانِ في الفضاءِ، وصَمَّمَ أجسامَهنّ للطَّيرانِ في أصْلِ خِلْقَتِهنّ، فبسَبَبِ ذلك لا يَسْقُطْنَ إلى الأرضِ، فيَعْجَبُوا من إتْقانِ خَلْقِها، فيُعْمِلُونَ عُقُولَهم في هذهِ الحُجَّةِ الواضِحةِ التي اسْتَدَلَّ اللهُ بها على وَحْدانيّتِهِ وقُدْرَتِهِ، ويُرَتِّبونَ بَعْضَ ما يَعْلَمُونَ ليَصِلوا إلى الحقيقةِ بأنَّ اللهَ الخالقَ العَليمَ القادِرَ هو الذي يَسْتَحِقُّ العِبادةَ وَحْدَهُ، أُؤكِّد أنّ في ذلك لَحُجَجَاً واضِحاتٍ على وَحْدانِيّةِ اللهِ وعَدَمِ وُجودِ شريكٍ مَعَهُ كائنةً لقومٍ صِفَتُهم أنَّهم يُؤْمنونَ بوجودِ خالقٍ للكونِ الذي يَعِيشُونَ فيه
– 80 – ومن الحُجَجِ على وحدانيّةِ اللهِ وعَدَمِ وجودِ شريكٍ مَعَهُ أنَّ اللهَ صَيَّرَ لأجْلِكُم من عُمومِ زوجاتِكم وعِيالِكم مَحَلَّ سَكَنٍ لكم، تسْتأنِسُ به نفوسُكم، وتَسْتَرِيحُونَ إليه، وصَيَّرَ لأجْلكم من عُمومِ جلودِ الإبِلِ والبَقَرِ والغَنَمِ والماعِزِ مساكِنَ صِفَتُها أنّكم تَجِدُونَها خَفِيفَةً في الحَمْلِ وَقْتَ تَرْحالِكم وسَفَرِكم من مكانٍ إلى مكان، ووقتَ إقامَتِكم في المكانِ الذي تَنْزِلُون فيه (يدلّ المعنى على أنَّ جلودَ الأنعامِ كانوا يَعْمَلُون منها قِباباً وخِيَاماً هي بيوتُهم التي يعيشون فيها)، وصَيَّرَ لأجلكم من عُمُومِ أصوافِ الأنعامِ وأوبارِها وأشعارِها أثاثاً لبيوتِكم من فُرُشٍ وغيرِها، ومتاعاً تَنْتَفِعُونَ بِهِ، وتَرْغَبُونَ في اقْتِنائِهِ من بُسُطٍ وأغْطِيةٍ وغيرِها إلى وَقْتٍ، إنَّ في ذلك لَحُجّةً واضِحَةً لقومٍ صِفَتُهم أنّهم يُعْمِلُونَ عقولَهم في هذهِ الحُجّةِ الواضحةِ التي اسْتَدَلَّ اللهُ بها على وحدانيّتِهِ وقُدْرَتِهِ، ويُرَتِّبون بعضَ ما يعلَمونَ ليَصِلُوا إلى الحقيقةِ بأنَّ اللهَ الخالقَ العليمَ القادرَ هو الذي يَسْتَحِقُّ أنْ يُخْلِصوا له العِبادَةَ
– 81 – واللهُ صَيّرَ لأجْلِكُم من عُمومِ الذي خَلَقَهُ من الأشْجارِ والجِبالِ والأجْسامِ الأخرى ظِلالاً تَسْتَظِلّونَ بها من حَرِّ الشَّمْسِ (يَدُلُّ المعنى على أنّ هذه نِعْمَةٌ إلهيةٌ، لأنَّ حُدُوثَ الظِّلّ يكونُ بحَجْبِ أشِعّةِ الشَّمْس بواسطَةِ جسْمٍ غير شَفّاف، فنظامُ تكوين الظِّلّ لا يقدرُ عليه إلا الخالِقُ العَظيم)، وصَيَّرَ لأجلِكم عمومَ الجِبالِ أكْناناً تَرُدُّ عنكم الحرَّ والبَرْدَ، كالمغاراتِ والكُهُوفِ والشُّقُوقِ (يَدُلُّ المعنى على أنَّ اللهَ تعالى خَلَقَ في الجِبالِ مغاراتٍ وكُهُوفاً وشُقوقاً، لأجْلِ أنْ يتّخذها الإنسانُ الأوَّلُ مساكِنَ تَقِيهِ الحَرَّ والبَرْدَ قبل أنْ يُلْهِمَهُ اللهُ كيفيةَ صناعةِ البُيوتِ)، واللهُ خَلَقَ لأجلكم ثياباً صِفَتُها أنّها تحْفَظُكم من الحَرِّ والبَرْدِ، ودُرُوعاً تَرُدُّ عنكم الضَّرْبَ والطّعْنَ في حُرُوبِكم (يَدُلُّ المعنى على أنّ اللهَ تعالى أوْجدَ الموادَّ التي تُصْنَعُ منها الثيابُ كالقُطْنِ والكتّانِ والصُّوفِ وغيرِها، وألْهَم الإنسانَ كيفِيَّةَ صناعَتِها ثياباً، وأنّهُ تعالى أوْجَدَ الموادَّ التي تُصْنَعُ منها الدُّروعُ كالحديد، وألْهَمَ الإنسانَ كيفيّةَ صناعَتِها دُرُوعاً)، يُتمُّ اللهُ نِعْمَتَهُ عليكم في زمانِكم إتماماً مثل ذلك الإتمام الذي أتَمَّ به نِعْمَتَهُ على خَلْقِهِ في مراحِلِ حياتِهم، لكي تُسْلِموا وتَنْقادوا للهِ بتوحيدِهِ وإخلاص العِبادة له، وهذا هو المطلوب منكم
– 82 – فإنْ أعْرَضُوا عن توحِيدِ اللهِ وإخلاصِ العِبادَةِ لَهُ مع ذِكْرِ الحُجَجِ على وحدانيّتِهِ وعَدَمِ وجودِ شريكٍ معه ، وأعْرَضُوا عن التَّدَبُّرِ في نِعَمِ الله التي ذَكَرَها لهم، وقابلُوا نِعَمَ الله عليهم بالجُحُودِ والشِّرْكِ به فلا لومَ عليك، ولا تقصيرَ، لأنّهُ إنّما عليك التبليغُ الواضِحُ، وليس عليك وظيفةٌ سوى التبليغ، (أي : ليس عليك أنْ تُكْرِهَهم على الإيمان)
– 83 – هم يَعْرِفُونَ أنواعَ نِعَمِ اللهِ التي ذَكَرَها للاحْتِجاجِ على وحدانيّتِهِ وعَدَمِ وُجودِ شريكٍ مَعَهُ، ويَعْرِفُونَ أنّ هذه النِّعَم لا يَقْدِرُ على خَلْقِها وإيجادِها إلا اللهُ، ثم يَجْحَدُونها، ولا يَعْتَرِفُونَ أنَّ الذي أوْجَدَها لَهُمْ يَسْتَحِقُّ التّنْزِيهَ عن الشَّريكِ، ويَسْتَحِقُّ إخلاصَ العبادةِ لَهُ، وحالُهم أنّ أكثرَهم جاحِدُونَ وَحْدانيّةَ اللهِ وجاحدون نِعَمَهُ عليهم .