نحو منهج لفهم معاني القرآن بتحليل آياته وفق لغة العرب وأساليبهم في الكلام كما فهمها العربي في زمن نزول القرآن
(ملاحظة : ما بين قوسين هو دلالة المعنى في ضوء التحليل اللغوي، وقد جعلتُهُ في الأصل باللون الأحمر تمييزا له عن المعنى في ضوء التحليل اللغوي)
إِنَّ أَوَّلَ بَيۡتٖ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكٗا وَهُدٗى لِّلۡعَٰلَمِينَ ٩٦ فِيهِ ءَايَٰتُۢ بَيِّنَٰتٞ مَّقَامُ إِبۡرَٰهِيمَۖ وَمَن دَخَلَهُۥ كَانَ ءَامِنٗاۗ وَلِلَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلۡبَيۡتِ مَنِ ٱسۡتَطَاعَ إِلَيۡهِ سَبِيلٗاۚ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ ٱلۡعَٰلَمِينَ ٩٧ قُلۡ يَٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ لِمَ تَكۡفُرُونَ بَِٔايَٰتِ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ شَهِيدٌ عَلَىٰ مَا تَعۡمَلُونَ ٩٨ قُلۡ يَٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ لِمَ تَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ مَنۡ ءَامَنَ تَبۡغُونَهَا عِوَجٗا وَأَنتُمۡ شُهَدَآءُۗ وَمَا ٱللَّهُ بِغَٰفِلٍ عَمَّا تَعۡمَلُونَ ٩٩
المعنى في ضوء التحليل اللغوي :
96 – وقال اليهودُ : لا يجوزُ تحويلُ التَّوَجُّهِ من بيتِ المَقْدِس إلى الكعبة، لأنَّ بيتَ المقدس كان قبلَ الكعبةِ، وكان قِبْلةً قبلَ أنْ تكونَ الكعبةُ قِبْلةً، قل ردّاً عليهم : إنَّ أوَّلَ بيتٍ أثْبَتَهُ اللهُ للناسِ في الأرضِ لِيَتَّخِذُوهُ مكاناً لعبادتِهِ وتوحيدِهِ والتّوَسُّلِ إليه لَلذي بمَكَّةَ حالةَ كونِهِ مَحَلّاً للبَرَكَةِ وإفاضةِ الخيرِ، وحالةَ كونِهِ طريقاً لهدايةِ العالمين، يُوصِلُهم إلى القُرْبِ من اللهِ بما يؤدّونَهُ فيه من العبادةِ والمَناسِكِ والطّاعاتِ
– 97 – أي : فيه علاماتٌ ودلالاتٌ واضحاتٌ على البَرَكَةِ وإفاضةِ الخير، وعلى الهُدَى، هي موضِعُ قَدَمَيْ إبراهيمَ، وأيُّ إنسانٍ دَخَلَ هذا البيتَ صارَ آمِناً، (وهذه دلالاتٌ واضحاتٌ على أنَّ هذا البيتَ مَحَلٌّ للبَرَكَةِ وإفاضةِ الخير، وعلى أنّهُ طريقُ هدايةٍ للعالمين، وهي دلالاتٌ واضحاتٌ لكلِّ إنسانٍ ينتسبُ إلى إبراهيم تدلُّ على أنَّ ما أخبرَ به القرأنُ عن البيتِ الحرامِ حَقٌّ، لأنَّ اللهَ جَعَلَ البيتَ آمِناً استجابةً لدُعاءِ إبراهيم، ويدُلُّ المَعْنَى على أنَّ الله تعالى أرادَ أنْ يُذكّرَ بني إسرائيل الموجودين في المدينة زَمَنَ الرسول (ص) بأنْ أهلَ مكَةَ هم ذُرّيةُ إسماعيلَ بن إبراهيمَ، وأنَّ إبراهيمَ دعا اللهَ أنْ يجعلَ مكةَ بلداً آمناً، وأنَّ اللهَ استجابَ دعاءَهُ، ويدُلُّ أيضاً على حُكْمِ تشريع الأمْنِ في البيت الحرام، فلا يجوزُ قَتْلُ كائنٍ حَيٍّ فيه أو إقامةُ الحَدِّ على مَنْ لاذَ بالبيتِ الحَرامِ)، وواجِبٌ للهِ على الناسِ أنْ يَقْصِدوا البيتَ لنُسُكِ الحَجِّ، أي : واجِبٌ للهِ على الذي يَقْدِرُ على قَصْدِ البيتِ لنُسُكِ الحَجِّ، وأمْكَنَهُ ذلك (يدلُّ المعنى على أنَّ الله تعالى أرادَ أنْ يُذكِّرَ بني إسرائيل الموجودين في المدينة زَمَنَ الرسول (ص) بأنّ الحَجَّ إلى البيتِ الحرام هو نداءُ إبراهيمَ إلى النّاسِ كافّةً بأمْرِ الله، وأنَّهُ سُنّةُ إبراهيم الذي يَنْتَسِبُونَ إليه، ويدُلُّ أيضاً على حُكْمِ تشريع وجوبِ الحج إلى بيت الله الحرام على المستطيع، وهو ما سُمِّي بحَجَّةِ الإسلام)، وأيُّ إنسانٍ يَجْحَدْ وجوبَ الحَجِّ إلى بيتِ اللهِ فلَنْ يَضُرَّ اللهَ شيئاً، لأنّ اللهَ غيرُ مُحتاجٍ إلى أحَدٍ من العالمين، وكُلُّ أحَدٍ مُحتاجٌ إليه (يدُلُّ مجيءُ ذِكْرِ وجوبِ الحَجّ على النّاسِ في سياقِ الكلام عن أهل الكتاب، على أنّ اليهودَ والنصارى داخلون في النّاسِ في وجوب الحَجِّ إلى بيت الله الحرام، ولكنهم جَحَدُوه وأنْكروهُ)
– 98 – قل : يا أهلَ الكتاب (المُرادُ بهم عُلماءُ اليهودِ وأحبارُهم)، لأيِّ سَبَبٍ تَجْحَدُونَ حُجَجَ اللهِ الواضحاتِ الدّالّةَ على أنَّ أوّلَ بيتٍ أثْبَتَهُ اللهُ للنّاسِ هو بيتُهُ الذي بمكّةَ، وعلى أنّ الحَجَّ إلى البيتِ الحرام نداءُ إبراهيم إلى الناس كافّة بأمْرِ الله، وعلى أنَّهُ سُنّةُ إبراهيم الذي تَنْتَسِبُونَ إليه وحالُكُم أنّ اللهَ مُطَّلِعٌ على الذي تَعملونَهُ ؟
– 99 – قل : يا أهلَ الكتابِ (المُرادُ بهم عُلماءُ اليهود وأحبارُهم)، لأيِّ سَبَبٍ تَمْنعون عن الحَجِّ الذين آمَنُوا من اليهودِ وعامّةِ النّاس، وتَصْرِفُونَهم عَنْهُ حالةَ كونِكم تطلبونَ لدينِ اللهِ من الشُّبُهاتِ والتُّهَم الباطِلَةِ ما يجعلُهُ في نَظَرِ النّاسِ ديناً مُنْحَرِفاً عن الحَقّ، وحالُكم حينَ تَصْرِفُونَ عامّةَ اليهودِ عن الحجِّ أنّكم مُقِرّونَ بما عَلِمْتُموه من وُجُوبِ الحَجِّ على النّاسِ جميعاً، ويُؤكِّدُ ذلك أنَّ اللهَ ليس بغافلٍ عما تَعْمَلُونَهُ .