نحو منهج لفهم معاني القرآن بتحليل آياته وفق لغة العرب وأساليبهم في الكلام كما فهمها العربي في زمن نزول القرآن

(ملاحظة : ما بين قوسين هو دلالة المعنى في ضوء التحليل اللغوي، وقد جعلتُهُ في الأصل باللون الأحمر تمييزا له عن المعنى في ضوء التحليل اللغوي)

۞يَٰٓأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ بَلِّغۡ مَآ أُنزِلَ إِلَيۡكَ مِن رَّبِّكَۖ وَإِن لَّمۡ تَفۡعَلۡ فَمَا بَلَّغۡتَ رِسَالَتَهُۥۚ وَٱللَّهُ يَعۡصِمُكَ مِنَ ٱلنَّاسِۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡكَٰفِرِينَ ٦٧

المعنى في ضوء التحليل اللغوي :

67 – يا أيُّها الرسولُ، أوْصِلْ إلى عُلماءِ أهْلِ الكتابِ من اليهودِ والنّصارى وأحبارِهم ما أنْزَلَهُ اللهُ إليك في هذهِ السورةِ خُصوصاً وفي القُرآنِ عُموماً من الآياتِ التي خَصَّهم بها، وإنْ لم تفعلْ ما أمَرَكَ به فما اوْصَلْتَ رسالتَهُ إليهم (يَدُلُّ سياقُ آيات السورة أنَّ المُرادَ بـ(رسالة الله) إلى عُلماءِ أهْلِ الكتابِ من اليهودِ والنّصارى وأحبارِهم أنْ يُصدّقوا برسولِ اللهِ مُحَمّدٍ، وبالقرآنِ الذي أنْزَلَهُ إليه، وأنْ يخافُوا اللهَ في إنكارِ نُبُوَّتِهِ، وأنْ يُبيّنَ عُلماءُ اليهودِ وأحبارُهم الشريعةَ التي أنْزَلَها اللهُ على موسى لعامّةِ اليَهودِ، ويَعْمَلُوا بها، ويُبَيِّنَ عُلماءُ النّصارى وأحبارُهم لعامّةِ النَّصارى البشارَةَ التي جاء بها عيسىى بنُ مَرْيَمَ من اللهِ إليهم)، واللهُ يَحْفَظُك ويقيكَ ويَمْنَعُكَ من اليهود والنّصارى، ويُؤكِّدُ ذلك أنَّ اللهَ لا يهدي القومَ الجاحدين نُبُوّتَك، والجاحدين القرآنَ الذي أنزَلَهُ إليك إلى شيءٍ يَضُرّونَكَ به بأنْ يُضِلَّهم ويُشتّتَ أمْرَهم، فلا يَصِلونَ إلى ما تَخْشاهُ منهم (ذكَرَ المُفسّرون معنىً مُعتمداً على الرّواياتِ المَرْوِيّةِ في سَبَبِ نزولِها، ولما كانت الرّواياتُ المَنْقُولَةُ في سَبَبِ نزولِها مُخْتَلِفَةً بسَبَبِ اخْتلافِ مذاهبِ المُسلمين فإنّ المُفسّرين اخْتَلَفُوا في معنى الآية باختلاف مذاهبهم) .

معاني القرآن - المسجد النبوي

Photo credit: © by Safa Kadhim

67 – (يا أيّها … ربّك) مُعترضة في سياق الكلام عن أهل الكتاب، وقد قُطِعَ بها الكلام عن أهل الكتاب، لأمْرِ الرسولِ بإبلاغِهم ما انْزَلَهُ اللهُ إليه فيهم، (بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إليكَ من ربِّك) ما نُودِيَ لأجْلِهِ، (بلِّغْ) أمْرٌ، وفاعلُهُ ضمير المُخاطب مُستتراً، والمفعول به مُقدّر بدلالة سياق ما قبلها، والتقدير : (بلّغ عُلماءَ أهْلِ الكتابِ من اليهودِ والنّصارى وأحبارَهم)، (ما) موصول مفعول به ثانٍ، (أُنْزِلَ … ربّك) صلة (ما)، (أُنْزِلَ) فعل ماضٍ مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير عائد إلى (ما)، (إليك) مُتعلّقان بـ(أُنْزِلَ)، (من ربّكَ) مُتعلّقان بـ(أُنْزِلَ) أيضاً، و(بَلَّغَهُ الشيءَ) : أوصَلَهُ إليه، (وإنْ … رسالته) مرتبطة بما قبلها بالواو، (لم تَفْعَلْ) جملة الشرط، (تفعل) مُضارع مجزوم بالشرط، وفاعلُهُ ضمير المُخاطب مُستتراً، والمفعول به مُقدّر بدلالة السياق، والتقدير : (ما أمَرَكَ به)، (فما .. رسالته) جواب الشرط، (ما) نافية، (بَلَّغْتَ) فعل ماضٍ والتاء ضمير المُخاطب فاعلُهُ، (رسالتَهُ) مفعول به، (والله .. الناس) مرتبطة بما قبلها بالواو، (اللهُ) مُبتدأ، (يعصمُك من الناس) خبر، (يعصمُك) مُضارع مرفوع، وفاعلُهُ ضمير عائد إلى (الله)، والكاف مفعول به، (من الناس) مُتعلّقان بـ(يعصمك)، والمُرادُ بـ(الناس) : اليهودُ والنّصارى، و(عَصَمَ اللهُ فلاناً من الشّرِّ) : حَفِظَهُ ووقاهُ، ومَنَعَهُ، (إنّ .. الكافرين) توكيد لمضمون ما قبلها، ونفي الهداية يعني : الضلال وتشَتُّت الأمْرِ وعَدَم الوصولِ إلى الغَرَض .