نحو منهج لفهم معاني القرآن بتحليل آياته وفق لغة العرب وأساليبهم في الكلام كما فهمها العربي في زمن نزول القرآن
(ملاحظة : ما بين قوسين هو دلالة المعنى في ضوء التحليل اللغوي، وقد جعلتُهُ في الأصل باللون الأحمر تمييزا له عن المعنى في ضوء التحليل اللغوي)
۞وَهُوَ ٱلَّذِيٓ أَنشَأَ جَنَّٰتٖ مَّعۡرُوشَٰتٖ وَغَيۡرَ مَعۡرُوشَٰتٖ وَٱلنَّخۡلَ وَٱلزَّرۡعَ مُخۡتَلِفًا أُكُلُهُۥ وَٱلزَّيۡتُونَ وَٱلرُّمَّانَ مُتَشَٰبِهٗا وَغَيۡرَ مُتَشَٰبِهٖۚ كُلُواْ مِن ثَمَرِهِۦٓ إِذَآ أَثۡمَرَ وَءَاتُواْ حَقَّهُۥ يَوۡمَ حَصَادِهِۦۖ وَلَا تُسۡرِفُوٓاْۚ إِنَّهُۥ لَا يُحِبُّ ٱلۡمُسۡرِفِينَ ١٤١ وَمِنَ ٱلۡأَنۡعَٰمِ حَمُولَةٗ وَفَرۡشٗاۚ كُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ وَلَا تَتَّبِعُواْ خُطُوَٰتِ ٱلشَّيۡطَٰنِۚ إِنَّهُۥ لَكُمۡ عَدُوّٞ مُّبِينٞ ١٤٢
المعنى في ضوء التحليل اللغوي :
– 141 – اخْتَلَقوا الكَذِبَ على اللهِ اختلاقاً بما فعلوه وهو (أي : الله) الذي خَلَقَ وابْتَدَعَ لا على مثالٍ سابقٍ بساتِينَ، صِفَتُها أنّ أشْجارَ بعضِها مرفوعةٌ على دعائِمَ (مثل أنواع الكروم وما شابهها)، وأشجارَ بعضِها غيرَ مرفوعةٍ على دعائِمَ، (مِثْل ما انْبَسَطَ على الأرضِ وانتَشَرَ كأنواع البطيخ والقَرَع)، وخَلَقَ وابْتَدَعَ النَّخْلَ (الذي يُثْمِرُ تَمْراً)، وخلقَ وابْتَدَعَ الزَّرْعَ (الذي يُثْمِرُ حبوباً يأكلونَها كالحِنْطَةِ والشَّعيرِ والعَدَسِ وغيرِها)، وتلك الأشجارُ المرفوعةُ على دعائِمَ وغيرُ المرفوعةِ على دعائِمَ والنَّخْلُ والزَّرْعُ قَدَّرَ اللهُ أنْ تُوجَدَ حالةَ كونِها مُخْتَلِفةً ثِمارُها في الطَّعْمِ واللّونِ والحَجْمِ والرّائِحةِ قَبْلَ أنْ تُوجَدَ، وخَلَقَ وابْتَدَعَ أشجارَ الزَّيتونِ والرُّمّانِ، وحالُ أشْجارِ الزَّيتونِ أنَّ الزَّيتونَ الخارجَ منها قَدَّرَهُ اللهُ أنْ يُوجَدَ حالةَ كونِهِ صِنْفَيْنِ قَبْلَ أنْ تُوجَدَ أشجارُهُ، صِنْفٌ مُتشابِهٌ في الطّعْمِ والحَجْمِ واللونِ والرائِحَةِ، وصِنْفٌ مُختلفٌ في ذلك، وحالُ أشجارِ الرُّمّانِ أنّ الرُّمّانَ الخارِجَ منها قَدَّرَهُ اللهُ أنْ يُوجَدَ حالةَ كونِهِ صِنْفَيْنِ قَبْلَ أنْ تُوجَدَ أشجارُهُ، صِنْفٌ مُتشابهٌ في الطّعْمِ والحَجْمِ واللّونِ والرّائِحَةِ، وصِنْفٌ مُختلفٌ في ذلك، وقالَ اللهُ لخَلْقِهِ : كُلوا من ثمارِها حينَ تبلُغُ النُّضْجَ، وأعْطُوا زكاتَها الفقراءَ والمساكينَ وَقْتَ قَطْعِها وجَنْيِها، ولا تَتَجاوَزُوا الحَدَّ في إعطائِها الجَهَةَ التي افْتُرِضَتْ عليكم، لأنَّ اللهَ لا يُحِبُّ المُسْرِفِينَ الذين يتجاوزون حُدودَ ما أُمِرُوا به (يَدُلُّ معنى قولِهِ : (وآتوا حَقَّهُ يومَ حصادِهِ) على أنّهُ يجِبُ على المُسلِم أنْ يُخْرِجَ ما في ثِمارِ الأشجارِ التي يَمْلِكُها من الصّدَقاتِ وَقْتَ قَطْعِها وجَنْيِها، ليُعْطِيَها إلى مُسْتَحِقّيها من أفرادِ المُجتمع، ويدلُّ معنى قولِهِ : (ولا تُسْرِفوا) على أنّهُ لا يجوزُ صَرْفُ الأموالِ فيما يُسْخِطُ اللهَ)
– 142 – وخلقَ وابْتَدَعَ من الأنعامِ ما يُحْمَلُ عليها، كالإبل، وخَلَقَ وابْتَدَعَ منها الصِّغارَ التي تُضْجَعُ للذّبْحِ، كالغَنَمِ، وقال لخَلْقِهِ : كُلُوا من الذي رَزَقَكم اللهُ إيّاهُ، وأنهاكم عن أنْ تتبّعوا طُرُقَ الشيطان في الإيحاءِ إليكم بتَحْرِيمِ ما أحلَّهُ اللهُ أو بتَحْلِيلِ ما حرّمَهُ، لأنّ الشيطانَ عدوٌّ ظاهرُ العداوةِ لكم (الشيطانُ : كُلُّ مُفْسِدٍ مُغْوٍ من الجِنِّ والأنس، فيجوزُ أنْ يكونَ المُرادُ بـ(الشيطان) هنا : شيطانُ الجنّ الذي يُوحِي إلى شياطين الإنس من الأحْبارِ والعُلماء بتحريم ما أحلَّهُ اللهُ أو بتَحلِيلِ ما حَرَّمَهُ، ويَدُلُّ المعنى على أنّهُ لا يجوز للإنسانِ أنْ يُحَرِّمَ طعاماً، أو يُحِلُّهُ من غير دليلٍ شرعي في القُرآنِ على الحُرْمَةِ أو الحِلّية)
Photo credit: © by Safa Kadhim