نحو منهج لفهم معاني القرآن بتحليل آياته وفق لغة العرب وأساليبهم في الكلام كما فهمها العربي في زمن نزول القرآن
(ملاحظة : ما بين قوسين هو دلالة المعنى في ضوء التحليل اللغوي، وقد جعلتُهُ في الأصل باللون الأحمر تمييزا له عن المعنى في ضوء التحليل اللغوي)
كَدَأۡبِ ءَالِ فِرۡعَوۡنَ وَٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۚ كَفَرُواْ بَِٔايَٰتِ ٱللَّهِ فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ بِذُنُوبِهِمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيّٞ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ ٥٢ ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ لَمۡ يَكُ مُغَيِّرٗا نِّعۡمَةً أَنۡعَمَهَا عَلَىٰ قَوۡمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمۡ وَأَنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٞ ٥٣ كَدَأۡبِ ءَالِ فِرۡعَوۡنَ وَٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۚ كَذَّبُواْ بَِٔايَٰتِ رَبِّهِمۡ فَأَهۡلَكۡنَٰهُم بِذُنُوبِهِمۡ وَأَغۡرَقۡنَآ ءَالَ فِرۡعَوۡنَۚ وَكُلّٞ كَانُواْ ظَٰلِمِينَ ٥٤
المعنى في ضوء التحليل اللغوي :
– 52 – عادةُ قومِكَ وشأنُهم في جحودِ وحدانيّةِ اللهِ، وجحودِ نُبُوَّتِك والقرآنِ الذي أنْزَلَهُ اللهُ إليك مِثْلُ عادةِ وشأنِ آلِ فرعون، والأُمَمِ الذين كانوا قبلَ آلِ فرعون، أي : جَحَدوا حُجَجَ اللهِ الواضِحةَ الدّالَّةَ على وحدانِيَّتِهِ ووجوبِ إخلاصِ العبادةِ لَهُ، وعلى صِدْقِ نُبُوَّةِ رُسُلِهِ، فأهْلَكَهم اللهُ بسَبَبِ ذُنوبِهم التي اقْتَرَفُوها بسَبَبِ شِرْكِهم باللهِ، وتَكْذِيبِهم رُسُلَهُ، لأنّ اللهَ قويٌّ شديدٌ عقابُهُ
– 53 – ذلك العذابُ الذي أنْزَلَهُ اللهُ بآلِ فِرْعونَ والأُمَمِ التي قَبْلَهم كائنٌ بسَبَبِ أنّ الله لم يكُ مُغيِّراً نِعَمَةً أعطاها جماعةً من النّاسِ إلى أنْ يُبَدِّلُوا الذي في أنْفُسِهم بما يُخالِفُهُ، وبسَبَبِ أنّ الله سميعٌ، يَسْمَعُ كُلَّ شيءٍ يَصْدُرُ عن مخلوقاتِهِ، عليمٌ، يَعْلَمُ كُلَّ شيءٍ يَفْعَلُونَهُ ودوافِعَ أفعالِهم التي يَسْتُرُونَها في نفوسِهم، (يَدُلُّ لَفْظُ (نِعْمة) وسياقُ ما قبلها على أنَّ نِعْمَةَ اللهِ على جماعةٍ من النّاسِ أنْ يَجْعَلَهم يعيشونَ بأمانٍ، ويَرْفَعَ عَنْهم أسبابَ الهلاكِ من الكوارِثِ السّماوِيّةِ والأرضية، ومن الأوبِئةِ والمجاعاتِ والحُروبِ والتّقاتُلِ بينَهم، وأنَّ هذِهِ النِّعْمَةَ مُرْتَبِطَةٌ بإيمانِ تِلكَ الجماعةِ من النّاسِ بوحْدانيّةِ اللهِ، والتَّصْديقِ برُسُلِهِ وبما جاؤوهم به من شَريعَةِ اللهِ المُشْتَمِلةِ على الفرائضِ والأحكام والوصايا والمعارفِ الإلهيَّةِ، وتَحقيقِ ذلك الإيمانِ في نفوسِهم بالعَمَلِ بشريعةِ اللهِ التي جاءهم بها رُسُلُهُ، فإذا بَدَّلوا الذي في أنْفُسِهم بما يُخالِفُهُ بدَّلَ اللهُ الحالَ الذي هُم فيه بحالٍ مُخالِفةٍ ومُغايرةٍ لحالِهِم التي كانوا فيها، ويدلُّ نَظْمُ الآية، ومعناها على أنَّ ذلك سُنّةٌ إلهيّةٌ في المُجتمعات الإنسانيّة، وعلى أنّ هذه السُّنّةَ الإلهيّةَ تجري في النّاسِ على أساسِ أفعالِهم الناتجة عمّا في داخِلِ نُفُوسِهم، مثل أنْ يُعْطِيَ اللهُ جماعةً من النّاس نِعْمَةَ العَيشِ بأمانٍ، ويَرْفَعَ عَنْهم أسبابَ الهلاكِ من الكوارِثِ السّماوِيّةِ والأرضية، ومن الأوبِئةِ والمجاعاتِ والحُروبِ والتّقاتُلِ بسَبَبِ إيمانِ تِلكَ الجماعةِ من النّاسِ بوحْدانيّةِ اللهِ، والتَّصْديقِ برُسُلِهِ، وبما جاؤوهم به من الشريعةِ المُشْتَمِلةِ على الفرائضِ والأحكام والوصايا والمعارفِ الإلهيَّةِ، وتحقيقِ ذلك الإيمانِ في نفوسِهم وفي أفعالِهم، فإذا بَدَّلوا ذلك الإيمانَ الذي في نفوسِهم بما يُخالِفُهُ من اتّخاذِهم شُركاءَ مَعَ اللهِ، وتكذيبِهم برُسُلِهِ وبما جاؤوهم به من شَريعَةِ اللهِ، وصارتْ أفعالُهم ناتِجةً عن الحال الذي اسْتَقَرَّ في نَفوسِهم بعدَ التّغيير عاقَبَهُم اللهُ بإنزالِ أسبابِ الهلاكِ عليهم من الكوارِثِ السّماوِيّةِ والأرضية، ومن الأوبِئةِ والمجاعاتِ والحُروبِ والتّقاتُلِ)
– 54 –، أُؤَكِّدُ أن أنَّ عادةَ قومِكَ وشأنَهم في جحودِ وحدانيّةِ اللهِ، وجحودِ نُبُوَّتِك والقرآنِ الذي أنْزَلَهُ اللهُ إليك مِثْلُ عادةِ وشأنِ آلِ فرعون، والأمم الذين كانوا قبلَ آل فرعون، أي : جَحَدوا حُجَجَ اللهِ الواضِحةَ الدَّالَّةَ على وحدانِيَّتِهِ ووجوبِ إخلاصِ العبادةِ لَهُ، وعلى صِدْقِ نُبُوَّةِ رُسُلِهِ، فأهْلَكْناهُم بسَبَبِ ذُنوبِهم التي اقْتَرَفُوها بسَبَبِ شِرْكِهم باللهِ، وتَكْذِيبِهم رُسُلَهُ، وأغْرقنا آلَ فرعون، وكُلُّ جماعةٍ من الذين أهلَكْناهُم (أي : من آلِ فرعون، والأمم الذين كانوا قبلَ آل فرعون) كانُوا مُتجاوزين وَحْدانِيَّةَ اللهِ إلى اتّخاذِ شُركاءَ معَهُ في العِبادةِ، ومُتجاوِزين التَّصْديقَ برُسُلِهِ وبما جاؤوا به من الشريعةِ المُشْتَمِلةِ على الفرائضِ والأحكام والوصايا والمعارفِ الإلهيَّةِ إلى إنكارِ نُبُوَّتِهم والشَّريعةِ التي جاؤوهم بها من اللهِ (يدلّ المعنى على على تهديدِ القومِ الذين كَذّبوا رسولَ اللهِ مُحَمّداً بإهلاكِهم بسَبَبِ ذُنوبِهم التي اقْتَرَفُوها بسَبَبِ شِرْكِهم باللهِ، وتَكْذِيبِهم رُسُولَهُ) .