نحو منهج لفهم معاني القرآن بتحليل آياته وفق لغة العرب وأساليبهم في الكلام كما فهمها العربي في زمن نزول القرآن
(ملاحظة : ما بين قوسين هو دلالة المعنى في ضوء التحليل اللغوي، وقد جعلتُهُ في الأصل باللون الأحمر تمييزا له عن المعنى في ضوء التحليل اللغوي)
يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَا لَكُمۡ إِذَا قِيلَ لَكُمُ ٱنفِرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱثَّاقَلۡتُمۡ إِلَى ٱلۡأَرۡضِۚ أَرَضِيتُم بِٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا مِنَ ٱلۡأٓخِرَةِۚ فَمَا مَتَٰعُ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا فِي ٱلۡأٓخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ ٣٨ إِلَّا تَنفِرُواْ يُعَذِّبۡكُمۡ عَذَابًا أَلِيمٗا وَيَسۡتَبۡدِلۡ قَوۡمًا غَيۡرَكُمۡ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيۡٔٗاۗ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٌ ٣٩
المعنى في ضوء التحليل اللغوي :
– 38 – (يدلُّ نَظْمُ الآيةِ على أنَّ النِّداءَ فيها مُوَجَّهُ إلى الذين أظْهَروا التّصديقَ باللهِ إلهاً واحِداً، وبأنَّ مُحَمَّداً (ص) رسولُ اللهِ من غيرِ تحقيقِ ذلك التّصديقِ في القَلْبِ، وإلى الذين صَدّقوا باللهِ إلهاً واحِداً مع تحقيقِ التّصديقِ في القَلْبِ بالاعتقادِ به من غيرِ شَكٍّ، وبأنَّ مُحَمَّداً (ص) رسولُ اللهِ مع تحقيقِ التّصديقِ في القَلْبِ بالاعتقادِ به من غيرِ شَكٍّ) يا أيُّها الذين آمنوا، أيُّ شيءٍ حَصَلَ لكم حالةَ كونِكِم إذا قالَ لكم الرَّسُولُ : أسْرِعُوا في الخروجِ للقِتالِ من أجْلِ دينِ الله (أي : لقِتالِ أعدائِكم الرُّوم الذين عَسْكَرُوا في تبوك استعداداً للهجوم عليكم) تَثاقَلْتُم إلى الإقامَةِ في أرْضِكم لأجْلِ مَنافِعِ الدّنيا ؟ (أي : لزِمْتُم بيوتَكم، وبَقِيتُم فيها مُشْبِهين إنساناً مشدوداً إلى الأرضِ ومَنافِعِها الدُّنْيُوِيّةِ بوثاقٍ شديدٍ بسَبَبِ اطْمِئْنانِكُم إلى الدُّنيا، وتَعَلُّقِكم بها)، لا يَنْبَغِي أنْ يَقَعَ منكم هذا الفِعْلُ، أَقَنَعْتُم بالحياةِ الدُّنيا حالةَ كونِها بَدَلاً من الآخِرَة ؟ أعْجَبُ لفعْلِكم هذا، ولا ينبغي أنْ يَصْدُرَ ممَّنْ آمَنَ باللهِ، وصَدَّقَ بالرَّسُولِ، إنْ قَنَعْتُم بالحياةِ الدُّنيا فما مَتاعُ الحياةِ الدُّنيا حالةَ كونِهِ مَحْسوباً في الآخرة إلا شيءٌ قليلٌ
– 39 – إنْ لا تُسْرِعُوا في الخُرُوجِ لِقتالِ أعدائِكم الرُّوم الذين عَسْكَرُوا في تَبُوك استعداداً للهجومِ عليكم يُعذِّبْكم اللهُ عذاباً أليماً في الدُّنيا بتَمْكِينِ عَدوِّكُم منكم، وإذلالِكم، ويَجْعَلْ قومَاً غيرَكُم مَكانَكُم، ولا تضُرُّوه بعَدَمِ اسْتجابَتِكم للرَّسُولِ شيئاً من الضرر، ويُؤكِّدُ ذلك أنّ اللهَ قديرٌ على كُلِّ شيء (ذهبَ المُفَسّرون إلى أنَّ معنى (يسْتَبْدِلْ قوماً غيرَكم) أنَّ اللهَ تعالى يُبْدِلْ بكم قوماً غيرَكم في كونِهم لا يتثاقلون عن الخروج إلى القتالِ في سبيلِ الله، ولكنَّ سياقَ الآيةِ ونَظْمَها ومعنى (اسْتَبْدَلَ) يدُلُّ على أنّ المعنى أنَّ اللهَ تعالى يجْعَلْ الرّوم الذين جاؤوا لغَزْوِهم مكانَهُم باحتِلالِهم أرْضَهُم ودِيارَهُم والاستيلاءِ على أموالِهِم، ثمّ يجعلون مدينَتَهُم من ولاياتِ دولة الروم) .