نحو منهج لفهم معاني القرآن بتحليل آياته وفق لغة العرب وأساليبهم في الكلام كما فهمها العربي في زمن نزول القرآن
(ملاحظة : ما بين قوسين هو دلالة المعنى في ضوء التحليل اللغوي، وقد جعلتُهُ في الأصل باللون الأحمر تمييزا له عن المعنى في ضوء التحليل اللغوي)
يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيۡكُمُ ٱلۡقِصَاصُ فِي ٱلۡقَتۡلَىۖ ٱلۡحُرُّ بِٱلۡحُرِّ وَٱلۡعَبۡدُ بِٱلۡعَبۡدِ وَٱلۡأُنثَىٰ بِٱلۡأُنثَىٰۚ فَمَنۡ عُفِيَ لَهُۥ مِنۡ أَخِيهِ شَيۡءٞ فَٱتِّبَاعُۢ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَأَدَآءٌ إِلَيۡهِ بِإِحۡسَٰنٖۗ ذَٰلِكَ تَخۡفِيفٞ مِّن رَّبِّكُمۡ وَرَحۡمَةٞۗ فَمَنِ ٱعۡتَدَىٰ بَعۡدَ ذَٰلِكَ فَلَهُۥ عَذَابٌ أَلِيمٞ ١٧٨ وَلَكُمۡ فِي ٱلۡقِصَاصِ حَيَوٰةٞ يَٰٓأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ ١٧٩
المعنى في ضوء التحليل اللغوي :
– 178– يا أيّها الذين آمنوا، فُرِضَ عليكم القِصاصُ في القتلى، فالقاتل إذا قَتَلَ إنساناً يُقْتَصُّ منه بالقتل (يدلّ لفظ (القتلى) على عموم جنس المقتولين، فيدلّ معنى (كُتِبَ عليكم القِصاص في القتلى) على وجوب أنْ يُقْتَصُّ من القاتل بالقَتْلِ سواء أكان المقتول ذكراً أم أُنثى، حُرّاً أم عبداً، مُسلماً أم كتابيّاً أم غيرَ كتابي) الحُرُّ يُقْتَلُ مُقابِلَ الحُرِّ، (والمعنى المُراد : المُساواة في القِصاص، فالحُكمُ العام المُساواة والمُماثلة والتَّكافُؤ في الحُرّية في القاتل والمقتول، فالمُساوي والمُماثلُ والكُفْءُ للحُرِّ حُرٌّ مِثْلُهُ، فالمُسلم الحُرّ إذا قتل مُسلماً حُرّاً يُقْتَلُ به، والمُسلم الحُرُّ إذا قتل مُسلمةً حُرَّةً يُقتَلُ بها، والمُسلمةُ الحُرّةُ إذا قتلت مُسلماً حُرّاً تُقْتَلُ به، والمُسلمةُ الحُرّةُ إذا قتلتْ مُسلمةً حُرّةً تُقْتَلُ بها، والمُسلم الحُرّ إذا قتل كتابيّاً أو غيرَ كتابيّ حُرّاً يُقْتَلُ به، والمُسلمُ الحُرّ إذا قتلَ كتابيّةً أو غيرَ كتابيّةٍ حُرَّةً يُقتل بها، والمُسلمةُ الحُرَّةُ إذا قتلتْ كتابيّاً أو غيرَ كتابيّ حُرّاً تُقْتَلُ به، والمُسلمةُ الحُرَّةُ إذا قتلتْ كتابيّةً أو غيرَ كتابيّةٍ حُرّةً تُقْتَلُ بها، والكتابيُّ أو غيرُ الكتابيّ الحُرُّ إذا قتلَ مُسلماً حُرّاً يُقْتَلُ به، والكتابيُّ أو غيرُ الكتابيّ الحُرُّ إذا قتلَ مُسلمةً حُرّةً يُقْتَلُ بها، والكتابيّةُ أو غيرُ الكتابيّة الحُرّةُ إذا قتلَتْ مُسلماً حُرّاً تُقْتَلُ به، والكتابيُّ أو غيرُ الكتابيّ الحُرُّ إذا قتلَ كتابيّاً أو غيرَ كتابيّ حُرّاً يُقْتَلُ به، والكتابيُّ أو غيرُ الكتابيّ الحُرُّ إذا قتلَ كتابيّةً أو غيرَ كتابيّة حُرّةً يُقْتَلُ بها، والكتابيّةُ أو غيرُ الكتابيّة الحُرّةُ إذا قتلَتْ كتابيّا أو غيرَ كتابيّ حُرّاً تُقْتَلُ به، والكتابيّةُ أو غيرُ الكتابيّة الحُرّةُ إذا قتلَتْ كتابيّةً أو غيرَ كتابيّة حُرّةً تُقْتَلُ بها، ومعنى المُساواة والمُماثلة والتَّكافُؤ لا يعني عدم إقامةِ القِصاص إذا اختلَفَتْ المُساواة والمُماثلة والتَّكافُؤ بين القاتل والمقتول في الحُرّية، فإذا قَتَلَ عبدٌ حُرّاً فمن باب أولى أنْ يُقتلَ العبدُ مُقابِلَ الحُرِّ، فإذا بقي حُكمُ القِصاص مع اختلاف المُساواة والمُماثَلة والتّكافؤ في صورةٍ من صورها، بقِيَ الحُكمُ في اختلافها في جميع الصور، فإذا قَتَلَ حُرٌّ عبداً يُقتَلُ الحُرُّ مُقابلَ العبد)، والعَبْدُ يُقتَلُ مُقابِلَ العِبْدِ، (يدلّ المعنى على أنّ الحُكمَ العام المُساواة والمُماثلة والتَّكافُؤ في العُبوديّة في القاتل والمقتول، فالمُساوي والمُماثلُ والكُفْءُ للعبْدِ عَبْدٌ مِثْلُهُ، فالمُسلمُ العَبْدُ إذا قَتَلَ مُسلماً عبداً يُقْتَلُ به، والمُسلمُ العَبْدُ إذا قَتَلَ مُسلمةً عبدةً (أمَةً) يُقْتَلُ بها، والمُسلمةُ العَبْدُةُ إذا قَتَلَت مُسلماً عبداً تُقْتَلُ به، والمُسلمةُ العَبْدُةُ إذا قَتَلَت مُسلمةً عبدةً تُقْتَلُ بها، والمُسلمُ العَبْدُ إذا قَتَلَ كتابيّاً أو غيرَ كتابيّ عبداً يُقْتَلُ به، والمُسلمُ العَبْدُ إذا قَتَلَ كتابيّةً أو غيرَ كتابيّة عبدةً يُقْتَلُ بها، والمُسلمةُ العَبْدُةُ إذا قَتَلَت كتابيّاً أو غيرَ كتابيّ عبداً تُقْتَلُ به، والكتابيّةُ أو غيرُ الكتابيّة العبدةُ إذا قتلَتْ كتابيّاً أو غير كتابيّ عبداً تُقْتَلُ به، والكتابيّةُ أو غيرُ الكتابيّة العبدة إذا قتلَتْ كتابيّةً أو غيرَ كتابيّة عبدةً تُقْتَلُ بها، والمُماثلة والتَّكافُؤ لا يعني عدم إقامةِ القِصاص إذا اختلَفَت المُساواة والمُماثلة والتَّكافُؤ بين القاتل والمقتول في العُبوديّة، فإذا قَتَلَ عبدٌ حُرّاً فمن باب أولى أنْ يُقتلَ العبدُ مُقابِلَ الحُرِّ، فإذا بقي حُكمُ القِصاص مع اختلاف المُساواة والمُماثَلة والتّكافؤ في صورةٍ من صورها، بقِيَ الحُكمُ في اختلافها في جميع الصور، فإذا قَتَلَ حُرٌّ عبداً يُقتَلُ الحُرُّ مُقابلَ العبد)، والأنثى تُقتَلُ مُقابلَ الأُنْثى، (يدلّ المعنى على أنّ الحُكمُ العام المُساواة والمُماثلة والتَّكافُؤ في الأُنوثة في القاتل والمقتول، فالمُساوي والمُماثلُ والكُفْءُ للأُنثى أُنثى مِثْلُها، فالأُنثى إذا قتلتْ أُنثى تُقتل بها بدون اعتبار الحُرّية أو العبودية في القاتلة والمقتولة، وبدون اعتبار الإسلام وعدمه في القاتلة والمقتولة . هذا وقد اختلف الفقهاء في هذا الأمر، فذهب فريقٌ من فقهاء السُّنّة والشيعة الإماميّة إلى أنّه لا يُقْتَل حُرٌّ بعبدٍ، ولا يُقْتَل رجلُ بأنثى، ولا يُقْتَل مُسلمٌ بغير مُسلم، ودليلهم الأحاديث المروية عن الرسول (ص)، والأئمّة من أهل بيته، وذهب فريقٌ من فقهاء السّنّة إلى أنّ الحُرَّ يُقْتَلُ بالعبد، والمُسلم يُقتَلُ بغير المُسلم، والرجل يُقْتَلُ بالأنثى، ودليلهم الأحاديث المروية عن الرسول (ص) وصحابته، فالأحاديث المرويّة في هذا الشأن مُتعارضة. ومعنى القرآن واضحٌ في هذا الشأن كما تبيّن في ضوء التحليل اللغوي، لأنّ اللهَ الذي أنزل القرآنَ أخبرَ في كتابه في عبارات واضحة على أنّ نفس الإنسان واحدة، قال تعالى [النساء : 1] : “يا أيّها الناس اتَّقوا ربّكم الذي خلقكم من نفسٍ واحدةٍ وخلقَ منها زوجها، وبثَّ منهما رجالاً كثيراً ونساءً”، وبيّن القرآن أنّ الجزاء يوم القيامة يكون على أساس عمل كُلّ نفس، قال تعالى : [آل عمران : 30] : “يومَ تجدُ كُلُّ نفسٍ ما عملتْ من خيرٍ مُحْضَراً وما عملتْ من سوء”، ونهى الله تعالى في القرآن عن قَتْلِ النفس، وأراد بـ(النفس) : إنسان، أيّ إنسان، قال تعالى [الآنعام :151] : “ولا تقتلوا النَّفْسَ التي حَرَّمَ الله إلاّ بالحقّ”، والنهي واجبٌ، أي : إلا قَتْلاً بالحقّ، والقَتْلُ بالحقّ، هو القَتْلُ بالقِصاص، وقال تعالى [الإسراء : 33] : “ولا تقتلوا النفس التي حرَّمَ الله إلا بالحقّ، ومَنْ قُتِلَ مظلوماً فقد جَعَلْنا لوَلِيّهِ سُلْطاناً فلا يُسْرِفْ في القَتْلِ”، والتعبير بـ(مَنْ قُتِلَ ..) يدلّ على عموم المقتولين من غير تمييز بين حُرّ وعَبْد وذكر وأنثى ومُسلم وغير مًسلم، وقال تعالى [المائدة : 32] : ” من أجلِ ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بغيرِ نَفْسٍ أو فساد في الأرض فكأنّما قَتَلَ الناسَ جميعاً”، وفي هذه الآية دلالة واضحة على حُرْمَة قتل الإنسان أيّاً كان جِنْسُهُ ولونُهُ ودينُهُ ومذهبُهُ، ولأيّ سبب، فيحرُم قتل الإنسان بسبب جنسه أو قوميّته أو لونه أو دينه أو مذهبه، وهذا يعني أنّه إذا قَتَلَ إنسانٌ أيّاً كان جنسُهُ ولونُهُ ودينُهُ ومذهبُهُ إنساناً أيّاً كان جنسُهُ ولونُهُ ودينُهُ ومذهبُهُ قَتْلاً عَمْداً فيُقْتَل الإنسان القاتل بالإنسان المقتول حسب حُكم القِصاص، وقال تعالى [المائدة : 45] : وكتبنا عليهم أنَّ النفْسَ بالنفْسِ والعَينَ بالعين والأنفَ بالأنفِ والأُذُنَ بالأُذُنِ والسِّنَّ بالسِّنّ والجروحَ قِصاصٌ” وفي قوله : (أنَّ النفسَ بالنفس) دلالة واضحة على أنّ النفسَ القاتلةَ تُقْتَلُ بالنفسِ المقتولةِ حسب حُكم القِصاص، هذه آياتُ القرآن واضحةً في حُكم القِصاص، وما خالف القرآن مِمَّا رُوِيَ من الأحاديث التي نُسِبَ فيها القول إلى الرسول (ص) أو إلى الأئمّة من أهل بيته، أو إلى الصحابة، فلا يُؤْخَذ بها، وإنْ سُبِكَ فيها السّنَدُ سَبْكاً، ليُجْعَلَ به الحديثُ صحيحاً أو حَسَناً، لأنَّ الأحاديث المروية ظنّية الدلالة، والقرآن الكريم قَطْعي الدلالة، ولأنّ القرآنَ في تشريعِ حُكْمِ القِصاص يُثَبّتُ عدالةَ الله تعالى، والأحاديثُ التي خالفتْ القرآنَ تُشكّك في عدالةِ الله. ومن الجدير بالذكر القِصاصُ عند اليهود، فقد جاء في التوراة حُكم القِصاص بالقتل في القاتل، ولكنّه ذُكِرَ في آخر أحكام القِصاص بأنّ السيّدَ الحُرَّ إذا قَتَلَ عَبْدَهُ أو أمَتَهُ فلا يُقْتَل، لأنّ العَبْدَ أو الأمَةَ لسيّدهما الحُرّ، من ضمنِ مُلْكِيّته، وهذا هو الذي جاءتْ به الأحاديثُ المرويّةُ المُخالفةُ للقرآن، جاء في سِفْر الخروج : 21 : ” مَنْ ضَرَبَ إنساناً وقَتَلَهُ فالضارب حتماً يموت … إنْ ضَرَبَ أحدٌ عَبْدَهُ أو أمَتَهُ بالعصا ضرباً أفضى إلى الموت يُعاقب، لكن إنْ بقيَ العبدُ أو الأمَةُ حياً يوماً أو يومين لا يُعاقَب الضارب، لأنَّ العَبْدَ لَهُ، أي : مُلْكَهُ)، ويتفرّعُ عن هذا الحُكْمِ حُكمٌ آخر : فالقاتلُ الذي أسْقَطَ عنه وَليُّ القتيلِ شيئاً حالةَ كوِنِهِ من دَمِ أخيه المقتول (أي : أسْقطَ وَلِيُّ القتيلِ عن القاتل عُقوبَةُ القِصاص التي هي شيءٌ قليلٌ بالنٍّسْبَةِ إلى دَمِ القتيل، لأنّ دَمَ القتيل أجَلُّ وأعْظَمُ من عقوبَةِ القِصاص، ولأنَّ القاتلَ أخو المقتول في الإنسانيّةِ أو الدّينِ أو القوميّة) فالواجِبُ عليه أنْ يَتَّبِعَ ما يطلُبُهُ وليُّ القتيل، ويسيرَ وراءَهُ، ويعملَ به بما تعارَفَ عليه العُقلاء في هذا الأمْرِ، والواجبُ عليه أيضاً أنْ يُوصِلَ إليه ما طَلَبَهُ بالشُّكْرِ له، والاعترافِ له بالفَضْلِ والإحسان، وبالطريقة التي تَسُرُّهُ وتُرْضِيه، ذلك التشريعُ بالقِصاص وإعطاءِ الحقّ لولِيّ القتيل بالعَفْوِ عن القاتل وإسقاطِ عقوبةِ القِصاص عنه هو تخفيفٌ من ربّكم عليكم، ورحمةٌ منه عليكم، فالذي يعتدي سواء أكان وليَّ القتيل أو القاتل بعدَ إسْقاطِ وليِّ القتيل عقوبةَ القِصاص عن القاتل، وبعد اتّباع القاتل ما طَلَبَهُ وليُّ القتيل، وعَمَلِهِ به، وبعدَ إيصالِهِ إليه ما طلَبَهُ منه بإحسان فله عذابٌ أليمٌ (يدلُّ (له عذابٌ أليم) في هذه الجملة على أنّ وليَّ القتيل إذا غَدَرَ بالقاتل، فقتله فعذابُهُ في الدنيا أنْ يُقْتلَ قِصاصاً، وله عذابٌ أليم في الآخرة، وعلى أنّ القاتلَ إذا نَقَضَ ما وافَقَ على القيام به مع وليّ القتيل فعذابُهُ في الدنيا أنْ يُقْتلَ قِصاصاً بقتلِهِ الشّخْصَ الذي عفا وليُّهُ عنه وأسْقَطَ عنه عقوبةَ القِصاص بسبب نقْضِهِ ما وافَقَ على القيام به مع وليّ القتيل، وله عذابٌ أليم في الآخرة . ولا يدلُّ نَظْمُ هذا الجزء من الآية ومعناها في ضوء التحليل اللغوي على أنّها قد شرعت حُكمَ الديّة مُقابل عَفْوِ وليّ القتيل عن القاتل، وإسقاط عقوبة القِصاص عنه، كما ذهبَ إلى ذلك المُفسّرون، فلم تُذْكَرْ الدّية بلفظها الصريح في هذه الآية، وذُكِرَتْ بلفظها الصريح في (سورة النساءأ الآية : 92) في القَتْلِ الخطأ)
– 179– ولكم حياةٌ في القِصاص الذي فُرِض عليكم في القَتْلِ العَمْدِ، وفي جميع الجروح والشّجاج، لأنّ القِصاص رادعٌ للناس عن الإقدامِ على القَتْل والاعتداء، فيرتفِعُ بذلك الموتُ عن الجميع، وهذا يعني دوام الحياة لكم – يا أصحابَ العقول والبصائر – أدعوكم إلى الالتزام بما شُرِّعَ لكم في القِصاص، لكي يقي بعضُكم بعضاً القتل، ولكي تحفظوا أنفسكم من عقابِ الله، وهذا هو المطلوب منكم .
