نحو منهج لفهم معاني القرآن بتحليل آياته وفق لغة العرب وأساليبهم في الكلام كما فهمها العربي في زمن نزول القرآن
(ملاحظة : ما بين قوسين هو دلالة المعنى في ضوء التحليل اللغوي، وقد جعلتُهُ في الأصل باللون الأحمر تمييزا له عن المعنى في ضوء التحليل اللغوي)
وَإِذۡ أَخَذۡنَا مِيثَٰقَكُمۡ لَا تَسۡفِكُونَ دِمَآءَكُمۡ وَلَا تُخۡرِجُونَ أَنفُسَكُم مِّن دِيَٰرِكُمۡ ثُمَّ أَقۡرَرۡتُمۡ وَأَنتُمۡ تَشۡهَدُونَ ٨٤ ثُمَّ أَنتُمۡ هَٰٓؤُلَآءِ تَقۡتُلُونَ أَنفُسَكُمۡ وَتُخۡرِجُونَ فَرِيقٗا مِّنكُم مِّن دِيَٰرِهِمۡ تَظَٰهَرُونَ عَلَيۡهِم بِٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَٰنِ وَإِن يَأۡتُوكُمۡ أُسَٰرَىٰ تُفَٰدُوهُمۡ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيۡكُمۡ إِخۡرَاجُهُمۡۚ أَفَتُؤۡمِنُونَ بِبَعۡضِ ٱلۡكِتَٰبِ وَتَكۡفُرُونَ بِبَعۡضٖۚ فَمَا جَزَآءُ مَن يَفۡعَلُ ذَٰلِكَ مِنكُمۡ إِلَّا خِزۡيٞ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۖ وَيَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ يُرَدُّونَ إِلَىٰٓ أَشَدِّ ٱلۡعَذَابِۗ وَمَا ٱللَّهُ بِغَٰفِلٍ عَمَّا تَعۡمَلُونَ ٨٥ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ ٱشۡتَرَوُاْ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا بِٱلۡأٓخِرَةِۖ فَلَا يُخَفَّفُ عَنۡهُمُ ٱلۡعَذَابُ وَلَا هُمۡ يُنصَرُونَ ٨٦
المعنى في ضوء التحليل اللغوي :
84 – واذكروا حين حَصَّلْنا بواسطةِ رسولِنا موسى عَهْدَ بني إسرائيل الذين هم أسلافُكم المُوَثّقَ بالقَسَم على الوفاءِ به، أي : قُلْنا لهم : أقْسِمُوا باللهِ لا تُرِيقُونَ دماءَ بعضِكم الذين يَنْتَسِبُونَ إليكم على طول الزّمان، ولا تَجْعَلُونَ بعضَكم الذين يَنْتَسِبُونَ إليكم يَخْرُجُونَ من ديارِكم بإجبارِهم على هَجْرِها على طولِ الزّمان، وأيُّما رَجُلٍ أو امْرأةٍ منكم يَجِيئُكم مأسوراً من قِبَلِ بعضِكم فحرِّرُوه ولا تَقْبَلُوا مُفاداتَهُ، ثمّ أقْرَرْتُم بهذا العَهْدِ بالاعترافِ به، وتَثْبِيتِهِ في شريعتِكم، وحالُكم الآنَ أنّكم تُخْبِرون خبَراً قاطعاً أنّ هذا العَهْدَ حقٌّ ثابِتٌ في شريعَتِكُم (الخِطابُ لبني إسرائيل الموجودين في المدينة زَمَنَ الرسول (ص)، والمخصوصُ به منهم عُلماؤهم وأحبارُهم) – 85 – ثم أنتم – يا هؤلاءِ – (المُنادَوْن هم بنو إسرائيل في المدينة زَمَنَ الرسول (ص)، وهم بنو قريظة وبنو النضير وبنو قينقاع وغيرُهم والمخصوصُ به منهم عُلماؤهم وأحبارُهم) تَقْتُلُون بَعْضَكم الذين يَنْتَسِبُونَ إليكم، ويَنْتَسِبُونَ إلى دينِكم ظُلْماً وعُدواناً، لأجْلِ تحقيقِ مصالِحِكُم والحُصولِ على مَنافِعِ الدُّنيا، وتَجْعَلونَ طائفةً كائنةً منكم يَخْرُجُونَ من ديارِهم بالقُوَّةِ والإكراه، (أي : تُهَجّرونَهم إلى أماكنَ أخرى بالقوّةِ والإكراه) حالةَ كونِكم تَتَعاوَنُونَ عليهم بارتكابِ ذَنْبِ إخراجِهم وتهجيرِهم من ديارِهِم، وظُلْمِهم وتجاوُزِ العهدِ الذي أخَذَهُ اللهُ عليكم، وإنْ يَجِيئُوكُم حالةَ كونِهم أُسارَى تَدْفَعُوا فِدْيَتَهم لمَنْ أسِرَهم مِنْكُم، ويَقْبَلْ الذين أسِروهم الفِديةَ مُقابلَ تَحْرِيرِهم، وواقِعُ الحالِ أنَّ الأمْرَ والشأنَ الثابِتَ في شريعَتِكم مُحَرَّمٌ عليكم إخراجُهم من ديارِهم، ومُفاداةُ مَنْ يأتيكم منهم مأسوراً، فهل تُؤمنون ببعضِ الشريعة (وهي التوراة في لغة بني إسرائيل)، وتجْحَدون بَعْضَها ولا تَعْمَلُونَ به ؟ بِئْسَ الإيمانُ إيمانُكم، فما جزاءُ الذين يَفْعَلُونَ ذلك حالةَ كونِهم منكم إلاّ خِزْيٌ في الحياةِ الدنيا، ويُرْجِعُهم اللهُ يومَ القيامةِ إلى أشدِّ العذابِ في جهنّم، وليس اللهُ بغافلٍ عمّا تفعلونَهُ في الوقت الحاضر (يدلّ المعنى على أنّ بني إسرائيل الموجودين في المدينة زَمَنَ الرسول (ص)، وعلى رأسهم عُلماؤهم وأحبارُهم يَنْقُضُون عهدَ اللهِ وميثاقَهُ الذي أخَذَهُ على أسلافهم، ويفعلون ما يُخالفه، ويدلُّ المعنى على أنّ الله تعالى أرادَ أنْ يُحذّرَهم بذلك من نقضِ العهدِ والميثاق الذي أخَذَهُ رسولُ الله عليهم، وأكّدوهُ على أنفُسِهم بالقَسَمِ عليه، لأنّ جزاءَ مَنْ يفعل ذلك منهم أنْ يُذِلَّهُ الله ويُخزِيَهُ، ويفضحَهُ في الحياةِ الدنيا على أيدي المُؤمنين، ومعنى الآية عامٌّ يَشملُ اليهودَ والمُسلمين وغيرَهم، فلا يجوزُ للمُسلم أنْ يقتُلَ مُسلماً، ولا يجوزُ للمُسلمين أنْ يَقْتُلَ بعضُهم بعضاً، ولا يجوزُ للمُسلمين أنْ يُخرِجوا بعْضَهم من ديارِهم، ويُهَجِّرُهُم بالقوّة والإكراه، مِثل أنْ تُهَجِّرَ طائفةٌ من المُسلمين طائفةً أُخرى منهم بالقوّة والإكراه من ديارهم، ولا يجوزُ للمُسْلم أنْ يأسِرَ مُسلماً أو يَخْطُفَهُ، ويطلبَ من أهله أو وَلِيِّهِ فِدْيَةً، مِثل أنْ تأسِرَ طائفةٌ من المُسلمين أحَداً أو جماعةً من طائفة أخرى منهم في قتالٍ يقعُ بينهم، أو أنْ تَخْطِفَ أحَداً أو جماعةً من طائفة أخرى في غير قتالٍ، ثمّ تطلبَ فِدْيَةً من أهلِهِ أو أهلهم أو طائفتِهم) – 86 – أولئك الذين أخذوا الحياةَ الدنيا بَدَلَ الآخرة بثَمَنٍ، (أي : باعوا آخرتَهم بثمَنٍ هو الحصولُ على المنافع الدنيويّة، وهي لا تُساوِي شيئاً في الآخرة، ويدلُّ السياق على أنّ المُرادَ بـ(أولئك) بنو إسرائيل الموجودون في المدينة زَمَنَ الرسولِ) ، فلا أحَدَ يُهَوِّنُ عنهم العذابَ، ولا يُنْقِصُ منه شيئاً، ولا هم يُنَجّيهم أحدٌ من عذابِ الله، ولا يمنعُهُ عنهم (يُمكن الإفادة من المعنى أنّ المصالح والمنافع الدنيويّة هي البابُ أو المنفذُ الذي يدخل منه أعداءُ الله ورسولِهِ الذين يملكون المالَ والمَكْرَ الشيطاني إلى المُسلمين، ليجعلوا بعضَهم يقتلُ بعضاً باسم الإسلام، والدافعُ في الأصل هو الحصول على المال أو المركز أو الرئاسة أو مصالح دنيويّة أخرى، ويجعلون بعضَهم يُهجِّرُ بعضاً من ديارِهم باسم الإسلام، والدّافع في الأصل هو الحصول على المال أو المركز أو الرئاسة أو مصالح دنيويّة أخرى، ويجعلون بعضهم يأسرُ بعضاً أو يخطفُ بعضاً باسم الإسلام، والدافع في الأصل هو الحصول على المال أو المركز أو الرئاسة أو مصالح دنيويّة أخرى، ويجعلون بعضهم يُكفِّرُ بعضاً، ويُفَرِّقُ جَمْعَ المُسلمين باسم الإسلام، والدافع في الأصل هو الحصول على المال أو المركز أو الرئاسة أو مصالح دنيويّة أخرى، فيجب على جميع المُسلمين أنْ يقفوا بوَجْهِ كُلِّ مَنْ يفعلُ شيئاً من ذلك، ويقولوا له قولاً صريحاً : أنتَ تفعلُ ذلك لتحصلَ على المالِ أو المركزِ أو الرئاسةِ أو مصالح دنيويّة أخرى من أعداءِ اللهِ ورسولِهِ وأعداءِ المسلمين، الذين يملكون المالَ والمَكْر الشيطانيَّ، فأنتَ لستَ منّا، والإسلام منك بَرَاء)
